خلال ثورة أيلول ١٩٦١-١٩٧٥، وقعت عدة انقلابات عسكرية في العراق. ظهر على المسرح السياسي عدد من الأنظمة ذات الأيديولوجيات المختلفة ذات نواة قومية عربية. حكم كل منها العراق لفترة، نظام عبد الكريم قاسم، الذي ألغى النظام الملكي في ١٤ تموز ١٩٥٨، وأسس النظام الجمهوري. في ٨ شباط ١٩٦٣ أطاح به حزب البعث. و في ١٨ أكتوبر ١٩٦٣ أطاح عبدالسلام عارف ومجموعة من الجنرالات بالبعثيين. في ١٧ تموز ١٩٦٨ عاد البعثيون وأطاحوا بنظام عبد الرحمن عارف و استعادوا السلطة للمرة الثانية الذي كان أطول نظام استبدادي في تاريخ العراق.
والجدير بالذكر أنه عندما وصلت كل هذه الأنظمة إلى السلطة، استمعت في البداية إلى الأكراد وتفاوضوا معهم لتوطيد موقفهم، لكن بعد فترة عندما كانوا يعززون سلطتهم، بدأوا في محاربة الأكراد مرة أخرى. لكن أصعب حملاتهم العسكرية كانت عام ١٩٦٨، عندما عاد البعثيون إلى السلطة للمرة الثانية. خلال هذه الفترة قد قسم البيت الكوردي. وكان جناح المكتب السياسي القديم قد لجأ إلى الحكومة لبعض الوقت وقواته تهاجم مناطق الثورة إلى جانب القوات الحكومية. و استطاعوا الاستيلاء على عدة مدن وبلدات في البداية.
لكن الثورة لم تتوقف مكتوفة الأيدي إزاء هذه التطورات الجديدة، بل بدأت في إعادة تنظيم قواتها وتسليحها, و تم افتتاح عدد من الدورات التدريبية في قصري وحجي عمران للتدريب على استخدام الأسلحة وإصلاحها. و في عام ١٩٦٩ وصل عدد كبير من الأسلحة مثل البنادق والكاتيوشا ومدافع ١٠٦ ملم و ١٠٧ ملم إلى الثورة، وفي غضون ٧٠ يومًا تم توزيع ٣٨ ألف بندقية على قوات البيشمركة, و لم تقتصر استعدادات الثورة على الدفاع فقط، بل بدأت بأنشطة فدائية مختلفة وهجمات على الجيش والمؤسسات الحكومية في العديد من الأماكن.
استمر القتال من شباط ١٩٦٩ حتى نهاية العام، عندما واصل الجيش العراقي وطاقم المكتب السياسي القديم حملتهما العسكرية ضد مناطق سيطرة الثورة. و ردا على الضغوطات الكثيرة عليها شنت قيادة الثورة سلسلة من الهجمات المضادة وحملات في أماكن مختلفة. إحداها كانت ملمحة كرتك وماخوبزنان. عندما وصل تقدم الجيش العراقي في منطقة بشدر إلى مرتفعات قرية كرتك من الخلف بالقرب من سنكسر، خططوا للتقدم إلى ناودشت ثم ديلمان، حيث كان مقر البارزاني . ولأن تقدم القوات الحكومية كان يشكل تهديداً مباشراً لمقر البارزاني ، تم إرسال قوات البارزاني الخاصة إلى وادي الشهداء بقيادة عمر أغا دولمري. و في ليلة ٣٠-٣١ تشرين الأول ١٩٦٩ هاجمت قوات البيشمركة الجيش والعملاء(جاش) الذين تمركزوا حول مرتفعات قريتي كرتك و ماخوبزنان. و أرسلوا قوة أخرى إلى سفح الجبل لتطويقهم و قطع الطريق الذي تمر منه المساعدات إليهم.
في الحملة الأولى، دخلت قوات البيشمركة الرابية بعد دقائق قليلة، و واجهوا بعضهم البعض مباشرة حتى تم استخدام الأسلحة البيضاء مثل الخناجر، ونجا عدد قليل من القوات الحكومية، وقتل وجرح جميع الآخرين. وقتل في المعركة قرابة ١٥٠ ضابطا وجنديا وعميلا(جاش)، وتعرضت القوات الحكومية لضربة قاتلة، وجاء إسماعيل النعيمي قائد الفرقة إلى سنكسر قبل يومين ليرى الوضع. و لكن بسبب هزيمة الجيش تعرض لانهيار عصبي، لأنه لم ير مثل هذا الفشل من قبل. الجيش العراقي والقوات الأخرى لم يتمكنوا من غزو وادي الشهداء مرة أخرى، حتى البشمركة لم يسمحوا لهم بنقل جثث موتاهم إلى سنكسر، فاضطروا إلى استخدام إحدى عشرة مروحية لهذا الغرض.
واستولت قوات البيشمركة على ٦٠ بندقية كلاشنيكوف و ٣٠ بندقية وقذيفة هاون عيار ٨٢ ملم ومدفع هاون عيار ٦٠ ملم واثنتين من طراز ديكتاروف وجهازين من أجهزة اللاسلكي، وبعض المعدات العسكرية. و جدير بالذكر أن هذه المعركة لم يشارك فيها سوى ٥٠ فردًا من البيشمركة. و لقد تمكنوا من تدمير سرية كاملة من المغاوير. بعد هذا وعدة حروب أخرى ضعفت آمال الحكومة في الحل العسكري ولجأت إلى الحوار والمفاوضات. وكانت النتيجة اتفاقية ١١ مارس ١٩٧٠.
المصادر:
١- شەوکەت مەلا ئیسماعیل حسن، ڕۆژانێ لە مێژووى شۆڕشی ئەیلوول، چاحى یەکەم، هەولێر، ٢٠٠٧.
٢- عومەر عوسمان، ژیانى کوردێک، چاپخانەى موکریان، چاپى دووەم، هەولێر، ٢٠٠٨.
٣- مسعود بارزانی، بارزانی و بزوتنەوەى ڕزگاریخوازی کورد، بەرگی سێیەم، بەشی دووەم، شۆڕشی ئەیلوول ١٩٦١-١٩٧٥، چاپخانەى وەزارەتى پەروەردە، چاپى یەکەم، هەولێر، ٢٠٠٤.
٤- هاوکار کەریم حەمە شەریف، شۆڕشی ئەیلوول، چاپخانەى زانکۆى سەلاحەدین، چاپى یەکەم، هەولێر، ٢٠١٢.
٥- ئیبراهیم جەلال، باشورى کوردستان و شۆڕشی ئەیلوول بنیادنان و هەڵتەکاندن ١٩٦١- ١٩٧٥، چاپی چوارەم، ٢٠٢١.
٦- ئارى کەریم، چەند لاپەڕەیەکى زیندوو لە شۆڕشی ئەیلوولدا، چاپخانەى خەبات، دهۆک ١٩٩٩.
٧- ابراهیم خلیل احمد و جعفر عباس حمیدى، تاریخ العراق المعاصر، الموصل، ١٩٨٩.