معركة سرچیا

تُعد معركة سرچیا إحدى الملاحم التي سطرها الپیشمرگة في ثورة أيلول للدفاع عن أرض كوردستان وذلك في ١٦ نيسان ١٩٧٤ في مناطق مختلفة.


بعد أن بدأت الحكومة العراقية بالتراجع والتنصل من تنفيذ بنود اتفاقية ١١ آذار ١٩٧٠، وبعد أربع سنوات من المفاوضات، تمكنت خلالها من إعادة تنظيم نفسها عسكرياً من خلال التسلح وإعادة تنظيم الجيش عبر العلاقات والاتفاقيات التي وقعتها مع الاتحاد السوفيتي تحت اسم معاهدة (الصداقة والتعاون)، بهدف الحصول على دعم عسكري عراقي لإنهاء الثورة الكوردية هذه المرة في فترة قصيرة. أما الاتحاد السوفيتي فكان يهدف إلى استثمار رؤوس الأموال في العراق لتعزيز موقعه في الشرق الأوسط.

نتيجة لحصار قوات الپیشمرگة لمعسكر حامية رواندوز، وقبل اندلاع الحرب مرة أخرى، قام الجيش العراقي في بداية شهر نيسان بسحب جميع قواته إلى معسكر سپیلك، كما نقل مقر اللواء التابع له، الذي كان في قرية بالكيان شمال وادي علي بك، إلى نفس المكان.

في ١٦ نيسان ١٩٧٤، أصدر مصطفى بارزاني رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني وقائد ثورة أيلول، أمراً بشن هجوم على معسكر سپیلك الواقع غرب بلدة خليفان، بهدف إرباك الجيش العراقي والاستيلاء على هذا الموقع الاستراتيجي، على الرغم من تنفيذ الپیشمرگة للهجوم، إلا أنه لم ينجح بسبب الدفاع القوي والعدد الكبير من الجنود والأسلحة المتطورة للجيش العراقي. وفي إشارة أخرى، ورد أن الحكومة العراقية هاجمت منطقة سبيلك المستعصية، حيث كان يتمركز لواء عسكري عراقي محاصر من قبل الپیشمرگة، وبعد قتال ومواجهة عنيفة، تمكن الجيش العراقي من كسر حصار الپیشمرگة وانضمام القوتين التابعتين للجيش العراقي إلى بعضهما البعض، والاستعداد لهجوم كبير على رواندوز.

تم نشر فوج من قوات الپیشمرگة في سرچیا بقيادة ميرخان محمد أمين، بعد وصول معلومات عن تقدم الجيش العراقي إلى قيادة الثورة على هذا المحور، صدرت أوامر في أواخر شهر نيسان إلى الفوج الثاني زوزك بقيادة الملازم يونس روژبياني بنقل مهمتها إلى سرچیا، جنباً إلى جنب مع الفوج المذكور لتعزيز خط الدفاع في هذا المحور. كانت مهمة قوة الپیشمرگة هذه، التي كانت في طريقها من هاوديان عبر وادي خلان- بياو، هي الدفاع عن الطريق الرئيس سپیلك - خليفان، لأن الجيش العراقي كان ينوي التقدم من هناك إلى مناطق الثورة في رواندوز وديانا وبالكايتي. 

 من الواضح أنه في صباح ذلك اليوم، وقبل وصول الفوج الثاني، كان الجيش العراقي قد بدأ بالفعل في التقدم على طريق سپیلك - خليفان، وقد واجهتهم قوة صغيرة كانت متمركزة هناك مسبقاً، وفي دفاع قوي، وبعد استشهاد خمسة من الپیشمرگة وإصابة عدد آخر، تمكنوا من إلحاق خسائر كبيرة بالجيش العراقي وإجباره على التراجع. 

في تلك الليلة التي وصلت فيها كتيبة يونس روژبياني إلى الموقع، كانوا متعبين ومرهقين للغاية بسبب قطع مسافة طويلة، فسألوا عن الوضع وإذا كانت هناك أخبار عن تحركات الجيش العراقي، فيجب عليهم الصعود إلى سرچیا، لكن الپیشمرگة الذين كانوا متمركزين سابقاً في هذا المحور أجابوهم بأنه ليس لديهم معلومات بهذا الشأن، في الصباح، رأوا أن الجيش العراقي قد سيطر على سرچیا، تم إصدار أمر للسریة التي كانت تدافع عن طريق سبيلك- خليفان بالذهاب إلى بانسر في نهاية سلسلة جبال سرچیا المطلة على خليفان، بعد سيطرة الجيش العراقي على سرچیا، وصلت برقية من المكتب العسكري لإجراء هجوم مضاد واستعادة سرچیا من الجيش العراقي، بدأت قوات الپیشمرگة في الاستعداد لشن هجوم على سرچیا، جميع الپیشمرگة الذين كانوا في طريقهم من خلان- بياو إلى بانسر لشن هجوم على سرچیا من ذلك الموقع، كانوا مستهدفين طوال اليوم من قبل الطائرات العراقية التي كانت تحلق في سماء المنطقة.  

بمجرد وصول قوات الپیشمرگة إلى بانسر وانشغالهم بالاستعداد لشن هجوم على سرچیا، هاجمت قوة من  الجيش العراقي فجأة مواقع الپیشمرگة، لكن تصدى لهم الپیشمرگة بشدة وتمكنوا من القضاء على جميع الجنود باستثناء ٣ أو ٤ جنود جرحوا وأسروا على يد الپیشمرگة، كما كان هناك شهداء وجرحى من جانب الپیشمرگة، بعد ذلك بدأت قوات الپیشمرگة في شن هجوم مضاد وتنفيذ أوامر القيادة، ولكن ظهرت مشكلة أمامهم وهي تسريب المعلومات من داخل قوات الپیشمرگة إلى الجيش العراقي بسبب الخيانة من قبل أحد مسؤولي الپیشمرگة، وبذلك حصل الجيش العراقي على ساعة الصفر للهجوم، ولهذا السبب فشل هجوم الپیشمرگة.

بعد هزيمة الپیشمرگة على يد قادة ذلك المحور من المعركة، طُلب من قيادة الثورة قصف معسكر "سپيليك"، لأنه كان يضم عدداً كبيراً من الجنود وهم في حالة استعداد للهجوم والتقدم، رأت قيادة الثورة أن هذا عمل مهم وكلفت على الفور قائد مدفعية الثورة "حالي دولمري" بقصف معسكر "سپيليك". في غضون ليلة واحدة، تم إيصال مدفعين إلى خلان و بياو، وفي جبل برادوست كان قائد المدفعية وقائد الفوج الثاني زوزك يقومان برصد القصف، ومع طلوع الشمس صدر الأمر للمدفعية ببدء العمل، وبعد قصف مكثف لحقت أضرار جسيمة بالمعسكر نتيجة لانفجار مخزن الذخيرة وموقع الوقود داخل المعسكر.


المصادر:

١- ئیبراهیم جلال، باشووری كوردستان و شۆڕشی ئه‌یلوول، بنیاتنان و هه‌ڵته‌كاندن، ١٩٦١-١٩٧٥، چاپی چواره‌م، ٢٠٢١.

٢- كورد و كوردستان له‌ به‌ڵگه‌نامه‌ نهێنیه‌كانی ئه‌مریكادا، ئاماده‌ كردنی لۆكمان میهۆ، وه‌رگیڕانی له‌ ئینگلیزیه‌وه‌ وریا ڕه‌حمانی، (چاپخانه‌ی ڕۆژهه‌ڵات- هه‌ولێر- ٢٠٠٩).  

٣- سه‌نگه‌ر ئيبراهيم خۆشناو،  ڕوداوه‌ سه‌ربازيه‌كانى شۆڕشى ئه‌يلوول١٩٧٠-١٩٧٥، چاپى يه‌كه‌م، (هه‌ولێر- ٢٠٢٢).

٤- دیمانه‌ له‌گه‌ڵ قادر حه‌سه‌ن سیتكانی پێشمه‌رگه‌ی شۆرشی ئه‌یلوول  ٣١ی کانوونی یەکەم٢٠٢٢.

٥- مسعود بارزانی، بارزانی و بزوتنه‌وه‌ی ڕزگاریخوازی كورد، به‌رگی سێیه‌م، به‌شی دووه‌م، چاپی یه‌كه‌م، (هه‌ولێر- ٢٠٠٤).


مقالات ذات صلة

معركة کوسپي سپي

عندما سيطرت قوات الپیشمرگة على قلعة (قشلة) رايات في ١٢ تموز ١٩٦٢، أصبحت منطقة بالكايتي بأكملها جزءاً من المنطقة المحررة لثورة أيلول، على الرغم من ظهور المسلحين المرتزقة من حين لآخر في عدة مناطق مختلفة، خاصة في الجبال المحيطة بجبل هلگورد، بنيّة إثارة الفوضى، إلا أنهم سرعان ما كانوا يتشتتون ويُبعدون عن المنطقة من قبل قوات الپیشمرگة.

مزيد من المعلومات

معركة كَردز وكَرزُور ١٩٦٩

وقعت هذه المعركة بين قوات سهل أربيل من الپیشمرگة والميليشيات العميلة للحكومة في أواخر ربيع عام ١٩٦٩ في قريتي كَردز وكَرزُور في سهل أربيل، تمكنت قوات الپیشمرگة في هذه المعركة من الانتصار على الميليشيات وإلحاقهم خسائر فادحة في الأرواح والمعدات وطردهم من المنطقة، مقابل خسائر طفيفة في صفوف قوات الپیشمرگة.

مزيد من المعلومات

معركة مضيق زاخو(نيسان ١٩٦٢)

في سلسلة معارك وقصص ثورة أيلول، تعتبر معركة مضيق زاخو إحدى المعارك الهامة التي شهدت تنسيقاً محكماً بين تنظيمات الحزب الديمقراطي الكوردستاني داخل صفوف الجيش العراقي وإيصال المعلومات إلى قادة الپیشمرگة.

مزيد من المعلومات

معركة گوجار

في الوقت الذي تمكنت فيه الحكومة الإيرانية من السيطرة على جمهورية كوردستان مرة أخرى بشن هجوم عليها، كان الملا مصطفى بارزاني وقواته يحاولون النجاة بأنفسهم عبر الأراضي الإيرانية والعودة إلى مناطقهم في كوردستان العراق مرة أخرى...

مزيد من المعلومات

معركة سینگان

كانت معركة سینگان إحدى المعارك التي اندلعت بعد انهيار جمهورية كوردستان وتراجع بارزانيين إلى المناطق الحدودية بين دولتي إيران والعراق...

مزيد من المعلومات