عملية ضرب شركة نفط عين زالة

بعد انتصار قوات الپيشمرگة في معركة مضيق زاخو، طلب عيسى سوار من بارزاني تشكيل قوة لضرب شركة نفط عين زالة في محافظـة موصل.


الأوضاع قبل العملية

بعد انتصار قوات الپيشمرگة في معركة مضيق زاخو، طلب عيسى سوار من بارزاني تشكيل قوة لضرب شركة نفط عين زالة، وبعد الحصول على الموافقة ومناقشة كافة جوانب العملية، بدأت الاستعدادات في سرية تامة، ثم قام أسعد خوشوي القائد العام لمنطقة بادينان بتعيين عيسى سوار لقيادة العملية العسكرية.

واهتم قادة المنطقة بجمع المعلومات حول موقع عين زالة الذي يبعد حوالي ١٥ إلى ٢٠ كيلومتراً عن المنطقة الجبلية، وعلى بعد ٨ إلى ١٠ ساعات سيراً على الأقدام من أقرب موقع للپيشمرگة، وكان نهر دجلة بمثابة حاجز مائي لعبور الپيشمرگة، وهو ما كان لا بد من القيام بالعملية في وقت قياسي، حتى لا تواجه القوات الحكومية أثناء الانسحاب وتتجنب قصف الطيران الحربي، الشىء الذي سهّل العملية للپیشمرگة، في أيلول ١٩٦٢، التحق بالثورة الشرطيان الكورديان هما حمه سور حسين برزنجي ومصطفى فرج شواني، اللذان كانا يعملان في شركة نفط عين زالة، وبعد نقاشات مع قادة المنطقة ومشاورات ومعلومات وتبادل الآراء، للمشاركة في العملية، تمت الموافقة النهائية عليها. 


استحضارات الپیشمرگة

قبل عبور الپيشمرگة نهر دجلة، عقد عيسى صور اجتماعاً مع كافة قادة ومسؤولي الپيشمرگة، تم في الأجتماع توزيع القوات على ثلاثة مجاميع، وكلف كل مجموعة قائداً مهمته على النحو التالي: 

المجموعة الأولى: قوة عيسى سوار مكونة من الملا حمدي عبد المجيد السلفي وعبد الرحيم جسيم والعريف درويش والحاج قادو كرافي مع المرشد الرئيسي مصطفى فرج، وكانت مهمة هذه المجموعة هي السيطرة على البوابة الرئيسية للشركة.

المجموعة الثانية: قوة هاشم ميروزي والتي تكونت من علي سيف الدين ومراد مومي وشاهين شيخو مع عدد من الپیشمرگة والقائد الرئيس حمه سور حسين برزنجي، وكانت المهمة الأساسية لهذه المجموعة هي مهاجمة مركز شرطة عين زالة.

وكانت المجموعة الأخيرة بقيادة علي هالو علي، إلى جانب آمر الحضيرة عبد الرحمن دينو وعدد آخر من الپيشمرگة، وكانت مهمة هذه المجموعة هي السيطرة على عدة مؤسسات مهمة داخل الشركة، وخاصة غرفة(البدالة واللاسلكي) مع انتشار قوة احتياطية على التلال المحيطة بالشركة.


خسائر العدو ومكاسب الپیشمرگة

وفي ليلة ١١-١٢ تشرين الأول ١٩٦٢، شنت قوات الپیشمرگة العملية حسب الخطة السابقة وبعد اشتباك عنيف مع الحراس ورجال الشرطة في الشركة، تمكنوا من إصابة أهدافهم، حيث قتل عدد من الشرطة و جرح آخرون، كما تمكنت قوات الپیشمرگة من أسر ٧٠ شرطياً وضباطاً، ومن بينهم مدير الشركة (ديك دانكورت) مع مهندسين بريطانيين اثنين. 

في هذه الأثناء، أحرقت الپیشمرگة مستودعاً للنفط وبدالة الهواتف وثماني سيارات تابعة للشركة، وشملت مكاسب الپیشمرگة ٣٣ بندقية ورشاش وستة مسدسات ورشاشتين بريم وكاميرتي تصوير وكمية كبيرة من المعدات الطبية، وكانت خسارة قوات الپیشمرگة في هذه الملحمة استشهاد أحد الپیشمرگة يدعى شاهين شيخو، الذي انتشلت القوات العراقية جثته لاحقاً من القبر وتعرضت للإهانة اللاإنسانية بعد جرها في سيارة عسكرية في عين زالة.


صدى هذه العملية 

ولأهمية وصدى انتصار الپیشمرگة في تلك العملية، فقد وجه الملا مصطفى بارزاني برقية تهنئة إلى عيسى سوار، بعد إطلاق سراح كافة أفراد الشرطة وموظفي الشركة من قبل قوات الپیشمرگة، و تم إرسال السجناء الأجانب إلى مقره  بأوامر من الرئيس بارزاني، وعندما وصلوا إلى مقره، استقبلهم بارزاني بنفسه، لقد حظوا باحترام كبير وتم توفير كافة مستلزمات الراحة لهم، ولا بد من القول أنه أثناء إطلاق سراح هؤلاء السجناء وجميع الأجانب، لم تطالب الثورة الكوردية بأي فوائد مادية من أي جهة، بل تم إطلاق سراحهم مجاناً. 

وهذا يعني أن الثورة الكوردية بتوجيهات قائد الثورة الملا مصطفى بارزاني، رعت دائماً مبادئ حقوق الإنسان والقيم الإنسانية وقوانين الحرب، ولم تلجأ أبداً إلى تعذيب أسرى الحرب والعنف، ورغم وحشية جيش العدو وغياب الدعم الدولي لثورته، إلا أن الجبال كانت أصدقاءه واعتمدوا عليها. 


عملية عين زالة في ذاكرة قادة الجيش العراقي

وحتى هذه العملية الكبيرة تمت الأشارة اليها بوضوح في كتابات ومذكرات قادة الجيش العراقي الذين كانوا أعداء الثورة الكوردية، على سبيل المثال، شهد الفريق سعيد حمو التلعفري قائد الفوج الثاني من اللواء الحادي عشر في الجيش العراقي آنذاك حيث كتب يقول:"هذا العمل الشجاع كانت تتطلب قوة بدنية عالية، لأن قوات الپیشمرگة تمكنت من عبور نهر دجلة مرتين، وتم تنفيذ العمل في ليلتين ويوم واحد". وكما كتب العميد الركن عبد الكريم فرحان قائد الفرقة الأولى في الجيش العراقي، إن "الثوار الكورد شنوا حملة ناجحة وشجاعة ضد آبار النفط في عين زالة شمال غرب الموصل".


 الهدف من العملية

وكان الهدف من هذه العملية هو الإظهار للحكومة العراقية أن قوات الپیشمرگة لا تستطيع فقط قطع المناطق الجبلية، بل يمكنها الذهاب إلى أبعد من ذلك والقيام بأعمال مماثلة جبلية في السهول المنبسطة الشاسعة، ومن ناحية أخرى كان للهجوم على شركة عين زالة صدى كبير في المحافل المالية الدولية، ونتيجة لذلك، تضاعف الاهتمام بالثورة الكوردية في الممرات الدولية، من جانب آخر لقد أضرّت بسمعة الحكومة لفشلها في حماية مؤسساتها وأرهبت الدول الأجنبية التي لها مصالح نفطية في العراق، كما يمكن الحديث عن جانب آخر ايجابي للعملية، وذلك لسمعة الثورة الكوردية وتشويه سمعة الحكومة هو تشجيع الصحفيين الأجانب على زيارة كوردستان واجراء البحوث عن الثورة الكوردية وأسباب قتال الشعب الكوردي، وايصال صوت الثورة الكوردية للعالم. 


المصادر:

١- عبدالفتاح علي البوتاني، منطقة بادينان ١٩٢٥ – ١٩٧٠، ج ٢، (مطبعة جامعة صلاح الدين- اربيل- ٢٠١٧).

٢- روژین چلبى منیر، زاخۆ ١٤ى تیرمەها ١٩٥٨ – ٦ى ئادارى ١٩٧٥، سەنتەرى زاخۆ بۆ ڤەکۆلینێن کوردى، (زاخۆ- ٢٠١٨).

٣- مەسعود بارزانى، بارزانى و بزووتنەوەى ڕزگاریخوازى کورد، بەرگى سێیەم، بەشى یەکەم، (چاپخانەى وەزارەتى پەروەردە، ٢٠٠٤).

٤- شەوکەت مەلا ئیسماعیل حەسەن، رۆژانێ لە مێژووى شۆڕشى ئەیلول، چاپى دووەم، (نووسینگەى تەفسیر- هەولێر- ٢٠٠٦).

٥- سعيد حمو، مذكرات أمر لواء مشاة، بغداد، ١٩٧٧.


مقالات ذات صلة

ملحمة گورز ١٩٧٤

يقع جبل گورز غرب مدينة سوران وشمال مدينة رواندوز، وهو مكان مهم واستراتيجي بالنسبة لمدينة سوران، في عام ١٩٧٤ حاول الجيش العراقي شن هجوم على قواعد ومقرات الپیشمرگة عبر جبل گورز، وتكبد الجيش العراقي خسائر فادحة في تلك المعركة، حيث ترك نحو ٤٠ جثة لجنوده في ساحة المعركة.

مزيد من المعلومات

ملحمة لومانا – کڤلسنى

بعد معركة زاويته في ٥ حتى ٦ كانون الأول ١٩٦١ والتي حققت فيها قوات الپیشمرگة نصراً كبيراً، وبعد أن ألحقت أضراراً فادحة بالجيش والمرتزقة، وادى ذلك الى سيطرة الپیشمرگة على ناحية سرسنک ووادي زاويته...

مزيد من المعلومات

ملحمة قرداغ ١٩٦٨

في أواخر عام ١٩٦٨ شنت الحكومة العراقية بمساعدة وتنسيق مسلحي المكتب السياسي القديم هجوماً مضاداً كبيراً على المناطق الخاضعة لسيطرة ثورة أيلول، تمكنوا من احتلال مساحة جغرافية واسعة في کرميان وقرداغ، لكن قيدة الثورة شنت هجومًا شاملاً لتحرير هذه المناطق، وفي تشرين الثاني ١٩٦٩ تمكنت من السيطرة على قرداغ وعدة مناطق أخرى وطرد قواتهم من تلك الاماكن.

مزيد من المعلومات

ملحمة مضيق عمر آغا

يقع مضيق عمر آغا في شمال سهل ديانا بين قرى بادليان في الجنوب وشيخان في الشمال، ويمر من هذا المضيق الطريق الرئيس بين سوران- سيدكان، في ٦ نيسان ١٩٦٦، شن الجيش العراقي هجوماً برياً وجوياً تحت اسم (توكل على الله) على هندرين وزوزك ومضيق عمر آغا...

مزيد من المعلومات

ملحمة قلعة (قشلة) رايات

كانت قلعة رايات حصناً قوياً تم بناؤه في عهد النظام الملكي كجزء من خطة الحكومة لغزو المنطقة، وكانت جدرانها مبنية من الحجر والأسمنت ومتینة جداً، وكانت وسيعة وكبيرة لدرجة أنها يمكن أن تستوعب فوجاً عسكرياً، ومن طابقين تتكون من قسمين رئيسيين وتحتوي على عدة غرف، المدخل الرئيس للقلعة مواجه للغرب ومحيطها مناطق خالية، وكان يقع بين قرى خلان ورايات وباوكراوه في منطقة بالكايتي.

مزيد من المعلومات