ومن اجل تحقيق الهيمنة والسيطرة الكاملة على مختلف مناطق كوردستان وإسكات صوت الثورة، كانت حكومة البعث تشن باستمرار الهجمات على المناطق التي كانت الثورة مهيمنة فيها، وذلك لأن فصائل وقوات الپیشمرگة كانت تنطلق من هذه المناطق لتنفيذ العمليات الفدائية وتوجيه ضربات قوية للقوات العسكرية والمسلحة التابعة للحكومة، وبهذا كانت قوات الحكومة تتكبد خسائر فادحة في الأرواح والمعدات، بالإضافة إلى انهيار معنوي، حيث سيطر عليها الخوف والرعب لدرجة أنها لم تكن قادرة في كثير من الأماكن حتى على حماية قواعدها العسكرية ورباياها، لذلك، كانوا يواجهون قوات الپیشمرگة بكل السبل، من أجل الحفاظ على سلطتهم ومكاسبهم.
في ٥ نيسان ١٩٨٧، شنت القوات العسكرية والمسلحة التابعة لحزب البعث، مدعومة بالدبابات والمدفعية والطائرات الحربية وجرافتين كبيرتين، هجوماً واسع النطاق على منطقة سنديا، بهدف السيطرة على المنطقة وتدمير القرى وإبعاد خطر قوات الپیشمرگة، التي كانت تمارس ضغوطاً كبيرة على القوات الحكومية، وأصبحت مصدر خوف وقلق كبيرين، تم تنفيذ الهجوم من عدة محاور، بما في ذلك: محور قرى خواكى و ليڤو، ومحور قرى ناڤکندالا، زيوکى، ميرگسورا و محور قرية سەرى سيلاڤکى.
عندما وصل خبر هجوم الحكومة على المنطقة إلى قيادة الثورة في بادينان، تم على الفور إرسال قوة من الپیشمرگة جاهزة إلى المنطقة لصد هجوم القوات الحكومية وهزيمته، تألفت هذه القوة من قوات تابعة للجنة محلية دهوك بقيادة علي قادر، ومنظمة الكادحين التابعة للحزب الديمقراطي الكوردستاني بقيادة محمد مراد، وقوة من الحزب الشيوعي العراقي. تمركزت قوات الپیشمرگة في المواقع المخصصة لها وراقبوا الوضع. لاحظوا أن القوات الحكومية لم تترك شيئاً إلا وألحقت به الضرر في المناطق التي وصلت إليها. أشعلوا النيران في المنازل في قرى ليڤو و ميرگسورا و زيوکى و سەرى سيلاڤکا و ناڤکندالا، وبدأوا في التدمير والتخريب، وكانت قوات الپیشمرگة، التي لم تكن قابلة للمقارنة بأي شكل من الأشكال من حيث العدد والأسلحة مع القوات العراقية الكبيرة والضخمة المجهزة بكامل الأسلحة والذخائر والدبابات والمدفعية والطائرات، تصدت لها وبدأت معركة شرسة.
سكان القرى التي تعرضت لهجوم الجيش العراقي، فروا من قراهم لحماية أرواحهم بسبب التدمير والقصف المدفعي والجوي الذي شنته القوات الحكومية، استمرت هجمات الحكومة من الأرض والجو، واستمرت قوات الپیشمرگة بكل قوتها بالقتال بالأسلحة الخفيفة والذخيرة التي كانت بحوزتهم حتى لا ينقطع إمدادهم بها، بالإضافة إلى ذلك، واجهوا الجوع والعطش ونقص الغذاء والإمدادات في جميع محاور القتال.
حوّل صمود قوات الپیشمرگة المستمر، كحاجز قوي، مسار المعركة من الدفاع إلى الهجوم، فبعد وصول قوة من الپیشمرگة التابعة لمنظمة الفلاحين لدعم جبهة القتال، شنوا هجوماً مضاداً على تقدم القوات الحكومية وضيقوا الخناق عليها.
استمرت هجمات الپیشمرگة حتى الساعة الثالثة بعد الظهر في قرى ليڤو وزيوکى و ميرگسورا، وتمكنوا من ممارسة ضغط كبير على القوات الحكومية، حتى أخرجوهم من القرى الثلاث وطاردوهم حتى الطريق الرئيسي زاخو – باتيفا، انتهى هذا الهجوم الذي شنته الحكومة على منطقة سنديا بهزيمة كبيرة لقواتها العسكرية والمسلحة، بالإضافة إلى مقتل وإصابة عدد كبير من جنودها وأسر ثلاثة من المرتزقة، اقتصرت خسائر الپیشمرگة على استشهاد مقاتل واحد وإصابة آخر، بالإضافة إلى احتراق وتدمير بساتين ومزارع المدنيين نتيجة القصف المدفعي والجوي المكثف.
بعد انتهاء المعركة، استدعى مسعود بارزاني، زعيم حركة التحرير الكوردية، مسؤول منظمة الكادحين وكادر المنظمة محمد مراد وعبد العزيز إسماعيل إلى منطقة نيروه وريكان، وقدم لهم الشكر والتقدير على صمودهم وانتصارهم في إفشال هجوم الجيش والقوات المسلحة العراقية، كما أهداهم جائزة عبارة عن سلاح رشاش من نوع (بي كي سي).
المصادر:
١- مەسعود بارزانی، بارزانی و بزووتنهوەی ڕزگاریخوازی كورد، بهرگی چوارم، ١٩٧٥- ١٩٩٠ شۆڕشی گوڵان، بهشی دووەم، چاپی یهكهم، (چاپخانهی ڕوكسانا- ٢٠٢١).
٢- محەمەد مراد، خەباتا چیا، بیرهاتن و سەرهاتیێن شۆڕەشا گولانێ دناڤبەرا ساڵین (١٧٦-١٩٨٩) دا، (چاپخانا کوردستانێ – زاخۆ- ٢٠٠٧).