حدثت المعارك والاشتباكات بين الثورة والقوات الحكومية في رواندز والمناطق المحيطة بها في صيف عام ١٩٦٥ واستمرت لعدة أشهر، كثف النظام العراقي هجماته وغاراته على قوات الپيشمرگة بشكل مستمر لتقليل المخاطر على رواندز وجبل كورك والطرق العامة، وكان النظام يسعى للسيطرة على جبال زوزك وهندرين ووادي آكويان ووادي آلانه وفرض سلطته على سهل ديانا بأكمله، وكان هناك جهد من جانب الثورة للحفاظ على المواقع الاستراتيجية مثل الجبال العالية تحت سيطرة قوات الپيشمرگة، وكما ورد في إشارة ما، كانت قيادة الثورة تخطط للسيطرة على جبل كورك، حيث قام قائد الثورة مصطفى بارزاني لهذا الغرض بزيارة جبل هندرين ووادي آكويان، والتقى بمسؤولي قوات الپيشمرگة في منطقة بالكايتي، وناقش معهم الهجوم على جبل كورك، ووعده كل من فاخر ميرگسوري والملا أمين بالقيام بهذه المهمة.
استعدادات وخطة الهجوم
الأول: قصف جميع المواقع العسكرية للجيش في خليفان وملتوكري رواندز وحامية كاولوكان وديانا في وقت واحد، حيث تم تخصيص مدفع هاون عيار ١٢٠ ملم و ٢٠٠ قذيفة مدفعية لكل موقع عسكري.
الثاني: شن هجوم شامل على جبل كورك بهدف السيطرة على الجبل ووادي علي بگ ومحاصرة رواندز. تم تكليف فوج آكويان بقيادة الملا أمين وحمه زياد وفوج من الحزب الشيوعي بقيادة الملازم رياض بدرخان بهذه المهمة، وتم تكليف فاخر محمد ميرگسوري بالمسؤولية العامة عن المعركة.
الثالث: تم تكليف فوج من قوات بالك بالهجوم على موقع ملتوكر العسكري بقيادة عزت سليمان بك درگلیي ومام صديق.
الرابع: تم تكليف فوج بيتواتة بالهجوم على موقع خليفان العسكري بقيادة حالي دولمري وتانجو يونس.
الخامس: تم تكليف فوجين من قوات بالاك بالهجوم على موقع ديانا العسكري بقيادة حاجي بيروخي وحادي حسكو.
السادس: كان القائد العام لجبهة القتال عبد الله آغا بشدري قائد قوات بالك، ونائبه كمال نعمان ثابت، كان المشرفون العامون على المدفعية هم النقيب بكر والملازم خضر وعمر آغا دولمري وخضر دباغ ونوزاد خوشناو وخالد شمس الدين.
في الساعة ٥:٣٠ من مساء يوم ٦ آب ١٩٦٥، بدأ قصف مدفعية الثورة على المعسكرات والربايا العسكرية التابعة للجيش العراقي، يقول مسعود بارزاني في كتابه "بارزاني وحركة التحرر الكوردية" نحن كنّا في جبل ربنوک ونراقب المواقع العسكرية التي كانت تتساقط عليها قذائف مدفعية الثورة، وقد سادت الفوضى في المعسكرات وشعر الجنود بالخوف والهلع، وتم تدمير معسكري خليفان وملتوكر في رواندز بالكامل واشتعلت فيهما النيران، بينما لم يتضرر معسكر حامية كاولوكان بأضرار كبيرة بسبب تحصين الموقع، كما اشتعلت النيران في معسكر ديانا ودمرت معظم منشآته.
في إشارة أخرى، ورد أن مدفعية الثورة تمكنت من ضرب الأهداف بدقة أدت إلى تدمير مواقع الرصد والربايا العسكرية التابعة للجيش العراقي وإيقاف قصفها، دُمرت ربيتان عسكريتان للجيش في جبل كورك، لكن الربية الثالثة لم تتأثر بالقصف بشكل كبير بسبب وجود نتوء صخري داخل الربية، بدأ الهجوم العام في الساعة التاسعة من مساء اليوم نفسه، وفي الساعة الأولى من الهجوم، تم الاستيلاء على ربيتين عسكريتين في جبل كورك، لكن الربية الثالثة التي تسمى "ربية كبكة السمينة" لم يتم الاستيلاء عليها بسبب صعوبة الموقع والمقاومة الشديدة للجنود بقيادة الملازم قحطان، وعلى الرغم من أنها حوصرت لمدة أسبوع، إلا أنها استمرت في المقاومة، وهذا ما منع قوات الپيشمرگة من السيطرة على وادي علي بگ، ورغم أن الجيش العراقي تكبد خسائر فادحة حيث تركوا جثث ٤٠ قتيلاً في ساحة المعركة.
وفي جبهة ملتوکر، أخلى الجنود الموقع واستولت عليه قوات الپيشمرگة، تم الاستيلاء على عدة مواقع في ديانا، لكن اشتباكات اندلعت مع المسلحين المرتزقة، واستشهد أحد عناصر الپيشمرگة وأصيب آخربجروح، استمر القتال بين الجانبين حتى الفجر، ولكن مع طلوع الشمس تراجعت قوات الپيشمرگة إلى الخلف، استخدمت الحكومة كامل قوتها وأسلحتها الثقيلة والخفيفة وطائراتها الحربية والمسلحين المرتزقة لصد هجوم قوات الپيشمرگة.
نتيجة للقصف المدفعي للجيش على جبهة كورك، تكبدت قوات الپيشمرگة خسائر فادحة، وبينما كانوا في فترة استراحة سقطت عدة قذائف مدفعية بينهم وانفجرت، مما أدى إلى استشهاد ٢٧ من عناصر الپيشمرگة. وقد أدى ذلك إلى انخفاض الروح المعنوية وتباطؤ الهجوم على كورك، تكبدت القوات الحكومية خسائر فادحة، لكن في المقابل لم تكن خسائر الپيشمرگة قليلة، على الرغم من أن هدف الهجوم لم يتحقق ولم يحدث تغيير ملحوظ في الخريطة العسكرية، إلا أنها كانت تجربة عسكرية مهمة، وعلى هذا الأساس أمرزعيم الثورة بارزاني بحماية خطوط الدفاع وتقويتها، وعدم فقدان اليقظة والوعي، والرد على أي تحرك للعدو.
ردود فعل الحكومة على الهجوم
قامت الحكومة بقصف قرية آكويا بشكل مكثف، مما أدى إلى مجزرة وخسائر فادحة، في ذلك الوقت كانت عائلة قائد الثورة بارزاني تقيم في مصيف كودو بالقرب من حاجي عمران، حيث كان يوجد عدد كبير من القبائل الرحل في المنطقة خلال فصل الصيف، من الواضح أن أجهزة المخابرات الحكومية كانت على علم بذلك، لذلك قامت أربع طائرات حربية من طراز هوكر هنتر بقصف المنطقة، لكنها لم تتمكن من إصابة أهدافها بدقة، وسقطت قنابلها وسط مجموعة من الرحل، مما أدى إلى استشهاد ٤ أشخاص، بينهم طفلان، وإصابة ١٤ آخرين.
المصادر:
١- ئارى کەریم، چەند لاپەڕەیەکى زیندوو لە شۆڕشى ئەیلوولدا، (چاپخانەى خەبات- دهۆک- ١٩٩٩).
٢- زرار سلیمان بەگ دەرگەڵەیی، بیرەوەریەکانم لە ساڵانى ١٩٤٣-١٩٧٧دا.
٣- مسعود بارزانی، بارزانی و بزوتنەوەى ڕزگاریخوازی کورد، شۆڕشی ئەیلوول ١٩٦١-١٩٧٥بەرگی سێیەم، بەشی یەکەم، ، چاپی یەکەم، (هەولێر- ٢٠٠٤).
٤- ملازم خدر عەبدوڵڵا دەباغ، بیرەوەریەکان و تۆپخانەى شۆڕشى ئەیلوولى مەزن – کوردستانى عێراق، چاپی سێیەم، (چاپخانەى ڕۆشنبیرى- هەولێر- ٢٠٢٠).
٥- غازی عادل گهردی، پێشمهرگهیهك له خزمهت بارزانیدا ... حهجی بێڕۆخی، بهرگی یهكهم، چاپی دووهم، (تورکیا – ٢٠٢٠).