وفي مطلع سنة الثمانين من القرن المنصرم اتسعت أنشطة الپیشمرگة لتشمل معظم مناطق جنوب كوردستان، ونفذت هذه الأنشطة على شكل حرب عصابات في القرى والمدن والبلدات، مما سبب الكثير من الإرباك في صفوف الجيش العراقي، وشملت هذه الأنشطة الفدائية بشكل أساسي توجيه ضربات موجعة الى رجال النظام الذين كانوا يضطهدون ويقمعون الناس، فضلاً عن قيام الپیشمرگة بنصب الكمائن على طرقات القوات العسكرية والأمنية ومهاجمة قواعدها العسكرية، ونتيجة ذلك فقد تكبد النظام البعثي خسائر جسيمة من القتلى والجرحى وأسر آلاف الجنود وذوي الرتب العسكرية العالية وكوادر أمنية، اضافة الى الأستيلاء على كميات كبيرة من الأسلحة والأعتدة، وكان احد الأنشطة هو الأستيلاء على ربايا دوازدە ملانى القريبة من مدينة زاخو.
استعدت قوة من الپیشمرگة تابعة لتنظيم رنجبران بقيادة محمد مراد ومنظمة الشهيد حميد بقيادة جبار محمد لنشاط حرب عصابات في منطقة بادينان، في البداية عقدوا اجتماعاً في قرية بيركا لمواصلة النضال، حيث قرروا تنفيذ عملية لتوجيه ضربة قاتلة لقوات النظام البعثي، وبعد ان وضعوا خطة محكمة في الاجتماع، توجهوا نحو قرية جم سيرمو. وبعد حلول الظلام، اتجهوا نحو زاخو على ضفة نهر خابور. وعندما اقتربوا من المدينة، كانت القوات العسكرية والأمنية التابعة للحكومة العراقية قد نصبت كميناً على الضفة الشرقية لنهر خابور، وأدرك حراس القوة بوجود كمين وسرعان ما عادوا عبر طريقهم وتخلصوا من الكمين.
وبعد أن تجمعت كل القوات، توعدت بعدم الاستسلام والمحاولة مرة أخرى وعدم العودة الى مواقعها حتى تحقق هدفها، وقررت قوات الپیشمرگة في نفس الموقع مهاجمة قاعدة للجيش العراقي تسمى ربية دوازدە ملانى المطلة على نهر خابور بالقرب من زاخو، وفي الساعة ٩:٣٠ مساءً وصلت قوات الپیشمرگة إلى منطقة قريبة من الربية وفتحت النار عليهم بقذائف آر بي جي وقنابل يدوية وأسلحة أخرى، ثم داهمت الربية وسيطرت عليها في وقت قصير وألحقت أضراراً جسيمة بالجنود. وعلى إثر ذلك استولوا على عدد من الأسلحة والذخائر التي كانت بحوزة الجنود، منها ستة بنادق كلاشينكوف، وخمسة صناديق ذخيرة روسية من نفس نوع الاسلحة، و آر بي جي واحد وثماني قاذفات مدفع، ورشاش من نوع كرينوف مع١٠٠٠ رصاصة مختلفة الأنواع، وصندوق واحد من قنابل يدوية، والأستيلاء على العديد من المعدات العسكرية، ولكن عندما هاجمت الپیشمرگة الربية، هرعت قوة عسكرية كبيرة من زاخو إلى ساحة المعركة لإنقاذ قوات النظام، لكن قوات الپیشمرگة سرعان ما استجمعت غنائمها وقررت التراجع ومغادرة المنطقة.
ووصلت قوات الپیشمرگة إلى قرية بيركا صباح الليلة نفسها، ووجهت برقية إلى لجنة محلية زاخو التابعة للحزب الديمقراطي الكوردستاني حول تنفيذ العملية، ومن جانبهم أعربوا عن شكرهم للمسؤولين والپیشمرگة في المنظمتين على الشجاعة التي ابدوها في هذا النشاط البطولي، وفي اليوم التالي قامت الحكومة العراقية وكعادتها في أماكن أخرى بقصف المنطقة وأرسلت عدة طائرات حربية فوق المنطقة وقصفتها بشكل مكثف، ولكن لحسن حظ السكان لم يسبب القصف أية أضرار، ومن الجدير بالذكر أن نشاط الپیشمرگة هذا، أثار ردود فعل كبيرة لأنها كانت قريبة من زاخو، وألحقت أضراراً أيضاً بقوات النظام البعثي، وهذا جعل الناس سعداء للغاية.
المصادر:
١- مهسعود بارزانی، بارزانی و بزوتنهوەی ڕزگاریخوازی كورد، بهرگی چوارم، ١٩٧٥- ١٩٩٠ شۆڕشی گوڵان، بهشی دووەم، چاپی یهكهم، (چاپخانهی ڕوكسانا- ٢٠٢١).
٢- محەمەد مراد، خەباتا چیا، بیرهاتن و سەرهاتیێن شۆڕەشا گولانێ دناڤبەرا ساڵین (١٧٦-١٩٨٩)دا، (چاپخانا کوردستانێ - زاخۆ- ٢٠٠٧).
٣- غازى عادل گەردی، پێشمەرگەیەک لە خزمەت ڕێبازى بارزانیدا حەجى بێڕۆخى بەرگى دووەم، چاپى دووەم، (تورکیا- ٢٠٢١).
٤- شیمال زێباری، هندەك ڕاستیێن ڤهشارتی د شۆڕشا گولانێدا، چاپی یهكهم، (چاپخانهی ڕۆژههڵات- ههولێر - ٢٠١٥).