ملحمة گورز ١٩٧٤

يقع جبل گورز غرب مدينة سوران وشمال مدينة رواندوز، وهو مكان مهم واستراتيجي بالنسبة لمدينة سوران، في عام ١٩٧٤ حاول الجيش العراقي شن هجوم على قواعد ومقرات الپیشمرگة عبر جبل گورز، وتكبد الجيش العراقي خسائر فادحة في تلك المعركة، حيث ترك نحو ٤٠ جثة لجنوده في ساحة المعركة.


ويقع جبل گورز غرب مدينة سوران وشمال مدينة رواندوز، يفصله وادي گلي علي بگ عن جبل كورك الذي يمر من خلاله طريق هاملتون، وكانت لأي قوة تسيطر عليه أهمية خاصة أثناء ثورة ايلول، وفي عام ١٩٧٤ عندما استأنفت الحكومة العراقية الحرب، كانت تنوي الهجوم عبر گورز والاستيلاء على سهل ديانا، ومن هناك مهاجمة جبل زوزك وحسن بگ وسرتيز ومضيق بيشة.

وكما تمت الأشارة اليه فقد كانت قواتهم قد انسحبت إلى گورز وكورك وخليفان في بداية العام، فقررت  قيادة الثورة السيطرة على سلسلة جبال گورز وطرد قوات الجيش العراقي في تلك الأماكن ومنعها من التقدم من هذه النقطة، وفي ١٨ نيسان ١٩٧٤ استعدت قوات الپیشمرگة في ديانا، تم نقلهم في سيارات إلى قرية بالكيان على سفح جبل گورز، وفي تلك الليلة اجتمع قادة الپیشمرگة للتخطيط  والهجوم، وكانت القرية تضم مقراً لأحد ألوية الجيش العراقي قبل ذلك، إلا أنه تم نقله إلى منطقة سپيلك غربي بلدة خليفان.

وفقًا لخطة الهجوم، في اليوم التالي، تم قصف الربايا فوق جبل گورز من قبل مدفعية الثورة بقيادة حالي طوبجي، وبعد القصف اقترب الپیشمرگة من نقاط التفتيش العسكرية للجيش العراقي، لكنهم لم يتمكنوا من الهجوم في البداية بسبب الألغام المزروعة حول الربايا، لكنهم فكروا في فتح ممرعبر المنطقة الملغومة للوصول إلى وجهتهم عبر هذا الممر، واستطاعوا التغلب على هذه العقبة من خلال أحد افراد الپیشمرگة الذي كان قد تلقى التدريب في كيفية رفع الألغام والمتفجرات في هذا المجال خلال وجوده في صفوف ثورة ايلول، وبمساعدة عنصر آخر من الپیشمرگة وأخيراً تم فتح الممر، وبعدها قامت قوات الپیشمرگة بقيادة آمر الفوج حاجي بيروخي بشن هجوم على ربايا الجيش، وبعد معركة حامية استطاعوا الأستيلاء على كامل الربايا بإستثناء ربية واحدة، وكانت تضحيات الپیشمرگة في ذلك الهجوم استشهاد ثلاثة وجرح ١٣ آخرين.

وبعد حوالي شهر قررت قيادة الثورة الاستيلاء على تلك الربية، فبدأت مدفعية الثورة أولاً بقصف الربية بكثافة، وفي الليلة ذاتها هاجمت قوات الپیشمرگة الربية المذكورة بقيادة حاجي بروخي وجادر گويزي وعزيز خان مهاجر وبخطة وتكتيكات مناسبة وقد دخلتها واستطاعت الأستيلاء عليها، وقد قُتل العديد من الجنود المتواجدين في الربية وفرّ آخرون، ولم تتكبد قوات الپیشمرگة خسائر في هذا الهجوم، لكن الجيش العراقي تكبد خسائر فادحة، حيث ترك نحو ٤٠ جثة  لجنوده القتلى في ساحة المعركة. 

بعد تسعة عشر يوماً من سيطرة قوات الپیشمرگة على ربايا جبل گورز، شنت الحكومة العراقية هجوماً لاستعادة ربايا عن طريق قوات المسلحين المرتزقة، وبعد قتال عنيف تراجعت قوات الپیشمرگة من بعض الربايا، ولكن بمساعدة قوات الدعم تغيير وضع المعركة، وانتهت لصالح الپیشمرگة حيث تمكنوا من استعادة السيطرة على الربية، وتم صد هجوم المرتزقة، حيث تركوا عددا من الجثث في ساحة المعركة.

ولتعزيز مواقعها وتحصينها وحماية الأرواح قامت قوات الپیشمرگة بحفر الخنادق في كافة أنحاء سلسلة هذا الجبل وكان قلقاً جداً على سلامتهم، حيث قاموا بتغطية المواقع بالاشجار والجملون والصخور، كان لتكتيك قوات الپیشمرگة هذا تأثير كبير في حمايتهم.

وبعد فترة من الوقت شن الجيش العراقي عبر قوة كبيرة هجوماً واسعاً على گورز خلال الليل بهدف السيطرة على الجبل ومواصلة تقدمه من هناك، وبدأت حملة الجيش العراقي ضد مواقع الپیشمرگة بشكل مكثف، واستمرت قوات الپیشمرگة في الدفاع عن نفسها، إلا أن مدفعية الثورة لعبت دوراً فعالاً في دعم الپیشمرگة واستنزاف الجيش العراقي، واستمرت المعركة حتى الفجر، ونتيجة لذلك، هُزم الجيش العراقي فی هجومه هذه المرة وفشل، مخلفاً نحو ١٠٠ إلى ١٢٠ قتيلاً في ساحة المعركة، وهو ما يؤكد أن الجيش العراقي حاول عدة مرات التقدم من جبل گورز والوصول إلى سهل ديانا. 

في ٨ أيلول ١٩٧٤ شن الجيش العراقي مرة اخرى  هجوماً واسع النطاق على جبلي گورز و كورك، لكنه هُزم و تراجع، مما أسفر عن مقتل أكثر من ٤٠٠ من افراده تُركت جثتهم في ساحىة المعركة. لذا فقد بقيت قوات الپیشمرگة في جبل گورز حتى بعد أن شن الجيش العراقي هجوماً ناجحاً مدعوماً بالدبابات على جبل كورك في ١٩ أيلول، حيث استطاع السيطرة على كورك ورواندز، وغادرت قوات الپیشمرگة جبل گورز  وتراجع إلى خلف ديانا ولأقامة خط دفاع آخر.


المصادر:

١- مسعود بارزانی، بارزانی و بزوتنه‌وه‌ی ڕزگاریخوازی كورد، به‌رگی سێیه‌م، به‌شی دووه‌م، چاپی یه‌كه‌م، (هه‌ولێر- ٢٠٠٤).

٢- غازی عادل گه‌ردی، پێشمه‌رگه‌یه‌ك له‌ خزمه‌ت بارزانیدا ... حه‌جی بێڕۆخی، به‌رگی یه‌كه‌م، چاپی دووه‌م، (٢٠٢٠).

٣- سه‌نگه‌ر ئيبراهيم خۆشناو، ڕوداوه‌ سه‌ربازيه‌كانى شۆڕشى ئه‌يلوول١٩٧٠-١٩٧٥، چاپى يه‌كه‌م، (هه‌ولێر- ٢٠٢٢).

٤-  دیمانه‌: قادر حه‌سه‌ن سیتكانی پێشمه‌رگه‌ی شۆرشی ئه‌یلوول  ٣١ی کانوونی یەکەمی ٢٠٢٢.

٥ -  أرشیف هیئة الموسوعة للحزب الدیموقراطي الکوردستاني.

 


مقالات ذات صلة

معركة باوه خوشين ١٩٦٣

شن الجيش العراقي في ٤ أب ١٩٦٣، هجوماً على قرية باوه خوشين بالقرب من دربندخان، وخلال هذا الهجوم اشتبك مع قوات الپيشمرگة في قره داغ، وبعد ساعتين من القتال والاشتباكات، مُني الجيش العراقي بهزيمة كبيرة واضطر إلى التراجع إلى معسكر دربندخان، كما تكبد خسائر فادحة.

مزيد من المعلومات

معركة بنگرد

اندلعت هذه المعركة في ١١ تشرين الأول ١٩٧٦ في مركز ناحية بنگرد شمال غرب محافظة السليمانية، بين قوات الپيشمرگة التابعة للأقليم الثاني للقيادة المؤقتة للحزب الديمقراطي الكوردستاني وشرطة الناحية، حيث تمكنت قوات الپيشمرگة من السيطرة على ناحية بنگرد لفترة مؤقتة.

مزيد من المعلومات

معركة بيلمبیر

اندلع هذا القتال في ٢٥ أيار ١٩٧٧ في قرية بيلمبير شمال محافظة دهوك في منطقة برواري بالا بين قوات الپيشمرگة التابعة للإقليم الأول للقيادة المؤقتة للحزب الديمقراطي الكوردستاني وجيش النظام، تكبد الجانبان خسائر فادحة في هذا القتال الذي انتهى بانسحاب الجيش.

مزيد من المعلومات

معركة بیستانە

اندلعت معركة بستانة نتيجة لهجوم اللواء الثالث من الجيش العراقي على قوة سهل أربيل التابعة للپيشمرگة، بسبب مقتل رئيس مرتزق عربي الجنسية موالي للحكومة يدعى الشيخ عنش في ربيع عام ١٩٦٨. وبعد معركة استمرت ثلاث ساعات تمكنت قوات الپيشمرگة من صد هجوم الجيش العراقي وقتل عدد من الضباط والجنود، وأجبار قواته على التراجع.

مزيد من المعلومات

معركة پیر‌مگرون

في سلسلة معارك ثورة أيلول الكبرى بين قوات بيشمركة كوردستان والجيش العراقي، اندلعت معركة كبيرة في منطقة پیر‌مگرون في ٢٨ نيسان ١٩٦٥ واستمرت حتى ١٢ آيار من نفس العام...

مزيد من المعلومات