ملحمة چيا رش في دهوک ١٩٧٤

حدثت ملحمة چيا رش في مطلع شهر تشرين الثاني ١٩٧٤ في چيا رش غربي مدينة دهوك، بسبب انّ تلك المنطقة كانت تحت سيطرة الثورة وانّ فعاليات البيشمركة كانت مستمرة فيها، سيما قصف القواقل والأرتال العسكرية، ووفق خطة الجيش العراقي لاخماد صوت الثورة والحد من فعاليات البيشمركة في هذه المنطقة، فقد شن هجوماً موسعاً، لكنه فشل فيه، بل مني بخسائر كبيرة في الأرواح والمعدات.


عندما اعلنت الحكومة العراقية الحرب ضد ثورة ايلول عام ١٩٧٤ شنت هجوماً موسعاً على كوردستان، ومع انّ الجيش العراقي وضع ثقله الكبير لهجماته على منطقة بالكايتي بسبب وجود مقر قيادة الثورة في المنطقة. ولكن لم يتجاهل أية منطقة خاضعة للثورة،  بل ان هجماتها شملت سائر مناطق الثورة كانت قوات البيشمركة تقصف بأستمرار القواقل العسكرية للجيش العراقي على طريق آلوكا، وفي غربي مدينة دهوك سيما كانت فيها مفرزة من البيشمركة بحوزتها هاون من عيار(١٢٠ ملم) في كهف سمتى، كان واجبها قصف قوافل عجلات الجيش العراقي، في حال وجود أي تحرك لها في المنطقة. 

ففي احد الايام وفي مطلع شهر تشرين الأول ١٩٧٤ كانت هناك قرابة عشر عجلات عسكرية و مدرعات ترافق أحد اعضاء قيادة حزب البعث واسمه عبدالفتاح ياسين تتوجه نحو معسكر لواء (١٨) التابع للفرقة الأولى للجيش، واستهدفها البيشمركة عن طريق الهاون الذي كان بحوزتهم، وقد أصابوا احدى المدرعات حيث قُتل جميع منْ كان فيها من الجنود، وبعد عودة هذا المسؤول الى الموصل، قام في اليوم التالي بجمع كل ما لديهم من الجنود والمرتزقة (الجحوش) وبدأوا بالهجوم على قوات البيشمركة، وذلك بهدف الأستيلاء على چياي رش و كهفي تحسا و سمتي.

وكانت وحدات الجيش العراقي في الهجوم على مناطق سيطرة الثورة تضم كلا من اللواء (١٨) واللواء الخامس والفرقة الثانية والمدفعية ومرتزقة عشائر الكوجر والدوسكي والسورجي والزيباري والهركي، واستمرت أحد عشر يوماً.  

وبهدف تقديم الدعم لجبهات القتال، فقد وصلت افواج علي علي وميراني كقوة اسناد الى منطقة المعركة، هاجم الجيش العراقي في البداية چیاى رش الذي كان يدافع عنه الفوج الأول التابع لقوات دهوك بقيادة نعمان صمد. بدأ الجيش العراقي هجومه بالقصف العنيف على مواقع البيشمركة والجبل، ثم هاجم المشاة والمرتزقة چیاى رش. وبسبب القصف المكثف فقد استشهد(٥) من البيشمركة وجُرح نحو (٤٠) في اليوم الأول للهجوم، واستولى الجيش على چیاى رش.

ثم استخدمت قوات دهوك من كڤري بسكى، كهفي تحسا وسمتى قبالة چیاى رش اربع دوشكات وهاون  من عيار (١٢٠) ملم وهاون من عيار (٨٢) ملم لقصف الجيش في چیاى رش . ولمنع الجيش العراقي من تثبيت مواقعه وتأمين نقاطه العسكرية، كان قائد القوة عبد الرزاق كرموي هو من يرصد القصف، وبعد أسبوع خططوا للهجوم المضاد، وشكلوا قوة مكونة من (٤٠) بيشمركة بقيادة قادر ئالكينى، ومعظمهم كانوا من القسم الهندسي لقوات دهوك، ووفق خطة عسكرية مُحكمة تحركوا ليلاً عند سفح چیاى رش، واختبأوا في الغابة الكثيفة، وأخذوا معهم جميع معداتهم وإمداداتهم العسكرية.

وكانت خطة هجوم البيشمركة كالتالي: في اليوم التالي، يتم ايقاف القصف عند غروب الشمس، ويقوم البيشمركة بمهاجمة القواعد العسكرية بشكل مفاجىء، واستمرت الحملة كما هو مخطط لها، وصدرت الأوامر بتحرك الفوج الأول في حال حركة البيشمركة الأربعين من اماكنهم، ويكونوا على أهبة الأستعداد لبدء الهجوم على الجبل، حيث انطلق الهجوم من نقطتين: واستمرت الأشتباكات زهاء ساعة واحدة، وتمكنت قوات البيشمركة خلال هذه الساعة من الاستيلاء على كامل الجبل، والحقوا خسائر فادحة بجنود الجيش العراقي والمسلحين المرتزقة بلغت(٢١) قتيلاً وجرح عدد كبير، كما لاذ البقية بالفرار، الى جانب ستة أسرى من الجنود حيث ارسلوا فيما بعد الى مقر القيادة في بالكايتي. 

غنمت قوات البيشمركة خلال هذه الملحمة (١٤) سلاح كلاشنكوف و(RPG) واحد وكميات كبيرة من الأعتدة ونحو عشرة آلاف لغم مختلف الأحجام والأنواع والتي لم يتمكن الجيش زرعها في المنطقة.

 كما غنم البيشمركة كميات كبيرة من قنابل الهاون من عيار  ٦٠ملم و ٨٢ملم و ١٢٠ملم وملابس عسكرية، كانت تضحيات البيشمركة في ملحمة الأستيلاء على چیاى رش، (٦)شهداء و(٢٠) جريحاً، ومن الجدير بالذكر أنه بعد هذا الهجوم لم يشن الجيش العراقي أية هجمات أخرى على قوات البيشمركة في محافظة دهوك حتى نكسة الثورة عام ١٩٧٥.


المصادر:

  1. مسعود بارزانی: بارزانی و بزوتنەوەى ڕزگاریخوازی کورد، بەرگی سێیەم، بەشی دووەم، شۆڕشی ئەیلوول ١٩٦١-١٩٧٥، چاپى یەکەم – هەولێر،  ٢٠٠٤.

  2. سه‌نگه‌ر ئيبراهيم خۆشناو: ڕووداوه‌ سه‌ربازيه‌كانى شۆڕشى ئه‌يلوول ١٩٧٠-١٩٧٥، چاپى يه‌كه‌م، چاپخانەى دانیشفەڕ، هه‌ولێر، ٢٠٢٢.

  3. هۆژین مەسعود سەرنى: شورەشا ئیلونێ ل دەڤەرا بەهدینان ١٩٦١- ١٩٧٥، چاپى یەکەم، ٢٠١٨.

  4. ئیبراهیم جەلال: باشوورى کوردستان و شۆرشى ئەیلوول بنیادنان و هەلتەکاندن ١٩٦١-١٩٧٥، چاپى چوارەم، ٢٠٢١


مقالات ذات صلة

ملحمة گاره‌ ١٩٨٢

دارت احداث هذه الملحمة في ١٠ كانون الأول ١٩٨٢ في سياني گاره‌ وبعمق ٧٠ كيلومتراً داخل المنطقة التي كانت تسيطر عليها حكومة البعث، عندما هاجمت قوات البيشمركة قواعد ومقرات قوة المغاوير والمسلحين المرتزقة (الجحوش) حيث تكبدت القوات الحكومية في غضون ثلاثة ايام وليال من المعركة خسائر فادحة في صفوفها، وكان لهذه المعركة صدى كبير على صعيد المنطقة.

مزيد من المعلومات

ملحمة احمدآوه ١٩٨٧

دور أحداث هذه الملحمة في منطقة أحمدآوه في ١ تموز ١٩٨٧، عندما هاجمت قوات البيشمركة في احد نشاطاتها عدة قواعد للجيش العراقي والمسلحين المرتزقة، بما في ذلك قاعدة للجيش الشعبي، واستطاعت السيطرة على قواعدهم ومقراتهم والحاق خسائر جسيمة بهم، حيث قُتل وجُرح وأُسر العديد منهم، وبعد يومين قررت قوات البيشمركة الانسحاب ومغادرة المنطقة.

مزيد من المعلومات

ملحمة شارزور ١٩٨٢

دارت الملحمة في ٣١ آیار ١٩٨٢ في منطقة شارزور، بمشاركة قوات البيشمركة من الأحزاب الكوردستانیة في جبهة جود، مثل حزب الديمقراطي الكوردستاني والحزب الاشتراكي والحزب الشيوعي، وقُتل خلال هذه الملحمة العشرات من الجنود والمرتزقة (الجحوش)، واستشهاد اربعة من البيشمركة، ثم عادت القوات الحكومية الى معسكر سيد صادق.

مزيد من المعلومات

هجوم الحكومة العراقية على لجنة محلية زاخو ١٩٨٦

دارت هذه المعركة في تشرين الثاني ١٩٨٦ في منطقة زاخو التابعة لمنطقة بادينان، عندما هاجم الجيش ومسلحو الحكومة العراقية مسنوداً بالمدفعية والطائرات الحربية مقرات ومواقع بيشمركة لجنة محلية زاخو، بهدف قمع صوت الثورة.، ولكن تمكنت قوات البيشمركة افشال الهجوم وصد تقدم المسلحين المرتزقة وابعادهم عن المنطقة.

مزيد من المعلومات

معركة مانگیش ١٩٨٤

دارت هذه المعركة في آب ١٩٨٤، عندما قام الجيش العراقي بالتعاون مع المسلحين المأجورين بالهجوم على منطقة مانگیش لقمع صوت الثورة في المنطقة، ولكن وقفت قوات البيشمركة لهم بالمرصاد حيث تصدت لهم وألحقت بهم أضراراً كبيرة ، كانت خسائر الجيش مقتل وجرح عدد كبير من الجنود و المسلحين.

مزيد من المعلومات