ملحمة چمي ريزان

تدور أحداث هذه الملحمة في تشرين الأول عام ١٩٦٣ في چمي ريزان، حيث هاجم الجيش العراقي بدعم من قوة عسكرية تابعة للدولة السورية چمي ريزان، وبعد شهر من القتال والمواجهات، انسحبت قوات الپیشمرگة من المنطقة وسيطرت الحكومة على المنطقة، ولكن واصلت قوات الپیشمرگة على شكل حرب عصابات القتال وضايقت الجيش العراقي، حتى جعلت الحكومة مضطرة إلى الدعوة إلى الحوار، وفي أوائل عام ١٩٦٤ تم اعلان وقف إطلاق النار.


وفي شباط ١٩٦٣، أطاح البعثيون بـ عبد الكريم قاسم وحكومته في انقلاب عسكري واستلموا زمام الحكم في العراق، وأعربت قيادة الثورة الكوردية عن دعمها للحكومة الجديدة، وأعربت عن أملها في حل القضية الكوردية سلمياً وعادلاً، على الرغم من أن البعثيين لم تكن لديهم قوة في البداية لمقاتلة الثورة الكوردية لذا فقد أعلنوا وقف إطلاق النار وبدأت المفاوضات بينهم.

ومن الواضح أن المفاوضات لم تدم طويلاً لأن الحكومة تمكنت من حشد وإعادة تنظيم قواتها خلال ثلاثة إلى أربعة أشهر، ثم هددت بقمع الثورة الكوردية ورفضت التفاوض مع قادة الثورة، وفي شهر حزيران ١٩٦٣ استأنفت الحكومة هجماتها على مناطق الثورة وفي كافة المناطق الخاضعة لسيطرة قوات الپیشمرگة ومنذ اليوم الأول للقتال، تحرك الجيش العراقي من الموصل إلى زاخو ومناطق أخرى من بادينان، ومن كركوك إلى سهل كويه، چمچمال، السليمانية، رانية وقلعةدزة، وفي محور آخر من السليمانية إلى قرداغ وگرميان، وكذلك من بغداد إلى خانقين، وبدأت بالتحرك من كفري، كلار، دربنديخان وشهرزور. 

وكانت خطة الحكومة العراقية لهذهى المرة هي إنشاء ساحات قتال على عدة جبهات لفصل قوات الپیشمرگة عن المناطق الخاضعة لسيطرة الثورة، وأحرقت في الهجوم كافة قرى وجبال وسهول وأودية كوردستان، خاصة عندما كان الهجوم في فصل الصيف،حيث موسم الحصاد وللأستيلاء على مواقع الپیشمرگة وتجويع الشعب الكوردي وقطع مصادر تمويل الپیشمرگة.

هذه المرة كان هجوم الحكومة العراقية على كوردستان مختلفاً عن الهجمات الأخرى، بسبب الاتفاق الذي أبرمته مع الحكومة السورية للمساعدة في قمع الثورة الكوردية، حيث كان نظام البعث قد تولى السلطة في سوريا في ذلك الوقت باسم قوات (اليرموك) تحت حكم قيادة العقيد فهد الشاعر حيث قطع الحدود العراقية وقام بدعم الجيش العراقي في مهاجمة قوات الپیشمرگة.

في الأول من تشرين الثاني عام ١٩٦٣، شن الجيش العراقي باللواءين الثالث والخامس بقيادة العقيد سعيد حمو مسنوداً بكتيبة دبابات وقوة عسكرية سورية ومرتزقة مأجورين (جاش) هجوماً واسعاً على منطقة چمی ريزان. شمل الهجوم من منطقة شوان وشيخ بزيني وصولاً الى ناحية آغجلر، وحاصرت القوات الحكومية عدة أماكن مثل تاسلوجة وقرية عسكر وقلعة خليفان وبالقرب من دوكان حتى چمی ريزان.

وقاومت قوات رزكاري التابعة للپیشمرگة، التي كانت مسؤولة عن الدفاع عن المنطقة، الهجوم الحكومي وألحقت بها أضراراً جسيمة، لكن القوات الحكومية واصلت اصرارها في هجماتها، وبعد أسبوع تمكنت من السيطرة على چمی ريزان.

وسحبت الپیشمرگة قواتها إلى منطقة سورداش وبيره مكرون ووادي جافايتي بسبب عدم توفر الأسلحة وخاصة الأسلحة المضادة للدبابات، ومع هذا فقد واصلت قوات الپیشمرگة من عملياتها الفدائية لضرب ربايا العدو ونصب الكمائن على الطرق العامة و توجيهىالضربات للقوات الحكومية.

وبعد الاستيلاء على چمی ريزان، أرادت الحكومة فصل مناطق قرداغ، كرميان، كفري، كلار ودربنديخان ومحاصرتها، لتدمير قوات الپیشمرگة بشكل كامل، فقامت بغزو منطلقة من بازيان والسليمانية وكركوك. وانقسمت قوات الپیشمرگة في تلك المنطقة إلى ثلاثة أجزاء، توجه جزء منها إلى مناطق سرتكه وبمو ودربندي بيلوله الصعبة، حيث شاغلت القوات الحكومية لأكثر من شهرين، وخففت عبء القتال على مناطق أخرى، الجزء الثاني نفذ عمليتين كبيرتين في زمبور وشمال شرق مدينة كركوك وذلك بضرب آبار النفط.

بدأ الجزء الثالث بمهاجمة ومطاردة القوات الحكومية التي توجهت لمهاجمة بلدة قرداغ والاستيلاء عليها، وفي هذه المعركة شارك عدد كبير من جنود وضباط الجيش العراقي وجيش اليرموك السوري والجحافل العربية المأجورة، الذين جاؤوا لمقاتلة الكورد  بالدشاديش البيضاء والعُقل، حيث قتل وجرح عدد منهم. 

وأدى ذلك إلى إضعاف القوات الحكومية لدرجة أنها لم تعد قادرة على الهجوم، كما واجهت مشاكل مع قوات اليرموك السورية، وللهروب من هذه الأزمة اضطر إلى اللجوء إلى المفاوضات نهاية عام ١٩٦٣. وفي أوائل عام ١٩٦٤، اتصل بالمكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني عن طريق ضابط كردي يدعى كريم قرني،  وفي كانون الثاني عام ١٩٦٤ اجتمع زعیم الثورة بارزاني مع محافظ السليمانية العميد عبد الرزاق سيد محمود في رانية، وبعد عدة لقاءات تم إعلان وقف إطلاق النار.


المصادر:

١- خۆشەوى عەلى کانیەلنجى، بیرەوەریەکانى عەزیز قازى سورچى، (چاپخانەى دانیشفەر- هەولێر- ٢٠٢٣).

٢- مسعود بارزانی، بارزانی و بزوتنەوەى ڕزگاریخوازی کورد، بەرگی سێیەم، بەشی یەکەم، شۆڕشی ئەیلوول ١٩٦١-١٩٧٥، (چاپی یەکەم- ٢٠٠٤).

٣- ئیبراهیم جەلال، باشورى کوردستان و شۆڕشی ئەیلوول بنیادنان و هەڵتەکاندن ١٩٦١- ١٩٧٥، چاپی چوارەم، (٢٠٢١).

٤- شەوکەت مەلا ئیسماعیل حەسەن، ڕۆژانێ لە مێژووى شۆرشى ئەیلوول، (چاپخانەى وەزارەتى پەروەردە- هەولێر- ٢٠٠٧).

٥- هۆژین مەسعود سەرنى، شورەشا ئیلونێ ل دەڤەرا بەهدینان ١٩٦١- ١٩٧٥، چاپى یەکەم، (٢٠١٨).

٦- ئارى کەریم، چەند لاپەڕەیەکى زیندوو لە شۆڕشی ئەیلوولدا، (چاپخانەى خەبات- دهۆک- ١٩٩٩).


مقالات ذات صلة

ملحمة گورز ١٩٧٤

يقع جبل گورز غرب مدينة سوران وشمال مدينة رواندوز، وهو مكان مهم واستراتيجي بالنسبة لمدينة سوران، في عام ١٩٧٤ حاول الجيش العراقي شن هجوم على قواعد ومقرات الپیشمرگة عبر جبل گورز، وتكبد الجيش العراقي خسائر فادحة في تلك المعركة، حيث ترك نحو ٤٠ جثة لجنوده في ساحة المعركة.

مزيد من المعلومات

ملحمة لومانا – کڤلسنى

بعد معركة زاويته في ٥ حتى ٦ كانون الأول ١٩٦١ والتي حققت فيها قوات الپیشمرگة نصراً كبيراً، وبعد أن ألحقت أضراراً فادحة بالجيش والمرتزقة، وادى ذلك الى سيطرة الپیشمرگة على ناحية سرسنک ووادي زاويته...

مزيد من المعلومات

ملحمة قرداغ ١٩٦٨

في أواخر عام ١٩٦٨ شنت الحكومة العراقية بمساعدة وتنسيق مسلحي المكتب السياسي القديم هجوماً مضاداً كبيراً على المناطق الخاضعة لسيطرة ثورة أيلول، تمكنوا من احتلال مساحة جغرافية واسعة في کرميان وقرداغ، لكن قيدة الثورة شنت هجومًا شاملاً لتحرير هذه المناطق، وفي تشرين الثاني ١٩٦٩ تمكنت من السيطرة على قرداغ وعدة مناطق أخرى وطرد قواتهم من تلك الاماكن.

مزيد من المعلومات

ملحمة مضيق عمر آغا

يقع مضيق عمر آغا في شمال سهل ديانا بين قرى بادليان في الجنوب وشيخان في الشمال، ويمر من هذا المضيق الطريق الرئيس بين سوران- سيدكان، في ٦ نيسان ١٩٦٦، شن الجيش العراقي هجوماً برياً وجوياً تحت اسم (توكل على الله) على هندرين وزوزك ومضيق عمر آغا...

مزيد من المعلومات

ملحمة قلعة (قشلة) رايات

كانت قلعة رايات حصناً قوياً تم بناؤه في عهد النظام الملكي كجزء من خطة الحكومة لغزو المنطقة، وكانت جدرانها مبنية من الحجر والأسمنت ومتینة جداً، وكانت وسيعة وكبيرة لدرجة أنها يمكن أن تستوعب فوجاً عسكرياً، ومن طابقين تتكون من قسمين رئيسيين وتحتوي على عدة غرف، المدخل الرئيس للقلعة مواجه للغرب ومحيطها مناطق خالية، وكان يقع بين قرى خلان ورايات وباوكراوه في منطقة بالكايتي.

مزيد من المعلومات