ملحمة وادي هیران

بعد سيطرة قوات الپیشمرگة على منطقتي بالكايتي وسيدكان، انتقل زعيم الثورة الكوردية مصطفى بارزاني مع قوة من الپیشمرگة إلى منطقة خوشناوتي، وذلك من أجل نشر نشاطات الثورة إلى جميع مناطق كوردستان من اجل مواجهة العدو متحدين من زاخو إلى خانقين.


في ٨ آب ١٩٦٢ بدأت قوات الپیشمرگة بالتحرك نحو منطقة خوشناوتي بقيادة القادة العسكريين مصطفى نيرويي، تيلي آغا، علي شعبان، حاجي بيروخي، محمود كاواني، خورشيد شيره، والمقدم عزيز آكريي. تحت الإشراف المباشر لبارزاني الذي أسس مقره في قرية ختى في وادي باليسان، ومن الواضح انّ وادي باليسان كان خلال هذه الفترة تحت سيطرة قوات الپیشمرگة، وفي ١٠ آب  أمر بارزاني قادة الپیشمرگة بمهاجمة وادي هيران للاستيلاء على المنطقة، وتحديداً قرية سبينداره في شمال ناحية هيران في سفوح جبل هورى، وجميع الأماكن التي تمركز فيها المرتزقة التابعين للمأجور صابر آغا. 

وكلف بارزاني محمود كاواني بتوجيه قوات أخرى إلى جانب قواته والتي لم تكن على دراية بالمنطقة، بإعتباره من أهل المنطقة، فقد كان مطّلعاً على كل تضاريس المنطقة، وفي الساعة الرابعة من صباح يوم ١١ آب ١٩٦٢، شنت قوات الپیشمرگة هجوماً على ربايا قرية سبينداره، وفي غضون ساعة من القتال، خسر معظم المرتزقة دفاعاتهم واستسلموا لقوات الپیشمرگة، لم يتبق سوى نقطتين على مرتفعات طريقي آقوبان وهيران كانت لاتزال المقاومة فيهما مستمرة، وبعد فترة وجيزة استسلمت ربية التلة المطلة على طريق آقوبان.

قامت قوة من الپیشمرگة بأمر من المقدم عزيز آكريي بنصب كمين على طريق هيران – سبيندره لمنع قوات الدعم المرتزقة من القدوم لإنقاذ الربايا التي تعرضت لهجوم من الپیشمرگة، وبعد فترة قامت مجموعة من المرتزقة برفقة آغا كورة ابن عم صابر آغا بنصب كمين للپیشمرگة مما أدى إلى مقتله وأربعة آخرين. 

وبعد أن مارست قوات الپیشمرگة ضغطاً كبيراً على الربايا التي كانت عالقة أمام حملة الپیشمرگة، رفعوا خلال نصف ساعة الراية البيضاء واستسلموا لقوات الپیشمرگة، وقد سقطت قرية سبينداره بكاملها في أيدي قوات الپیشمرگة، ولم يعد صابر آغا ورجاله قادرين على الدفاع عن أنفسهم فتركوا مواقعهم ولاذوا بالفرار، وفروا هاربين مخلفين وراءهم ١٨ جثة و٦ جرحى، واستشهد ثلاثة عناصر الپیشمرگة في تلك المعركة والاستيلاء على قرية سبينداره.

بعد الاستيلاء على قرية سبينداره، تقرر الهجوم على قرية آقوبان وناحية هيران، حيث تمركزت قوة كبيرة من المرتزقة والشرطة، في البداية تم تكليف قوة من الپیشمرگة بالسيطرة على منطقة آقوبان، الواقعة بين هيران وشقلاوة، لقطع الطريق الرئيس لمنع وصول أي مساعدات حكومية من شقلاوة إلى قواتهم في هيران، حيث كان بارزاني يراقب الهجوم بنفسه عن كثب.

بدأت القوة المكلفة بالاستيلاء على آقوبان بالتحرك ومهاجمة النقاط المخصصة لها، ولكن عندما وصلت إلى المنطقة المحددة، كان جميع مرتزقة الحكومة العراقية قد فروا من القرية، وسيطرت قوات الپیشمرگة على آقوبان العليا والسفلى وآقوبان المطلة على الطريق الرئيس بين شقلاوة- هيران، وقامت بتطويق المنطقة وأقامت مقرها في قرية آقوبان.

وبعد سيطرة الپیشمرگة على الطريق الرئيس بين هيران وشقلاوة، بدأ الهجوم على ناحية هيران بإشراف مباشر من زعيم الثورة بارزاني، حاصرت قوات الپیشمرگة قشلة هيران ونازنين لعدة أيام حيث لجأت اليها الشرطة ولم تستسلم للپیشمرگة، أرادت قيادة الثورة أن تنتهي الخطة دون إراقة دماء قدر الإمكان، ومن جهة أخرى أدت جهود الوساطة التي بذلها شخصيات ووجهاء الناحية إلى استسلام الشرطة لقوات الپیشمرگة دون قتال، مع كافة اسلحتهم واعتدتهم و ممتلكاتهم، و بناء على طلبة هؤلاء الشخصيات والوجهاء تم إطلاق سراح جميع أفراد الشرطة والضباط وذوي الرتب بأمر من قيادة الثورة وعادوا  إلى ذويهم وعوائلهم، وكان معظمهم من سكان المنطقة.

نقل بارزاني بعد ذلك مقره إلى هيران وتمركزت قوات الپیشمرگة الأخرى في قرى وادي خوشناوتي مثل آقوبان وسبيندره وكورتيان وبركة، ومع انتصار قوات الپیشمرگة في هذه الملحمة سقطت جبل هورى حتى سفوح جبل سفين على الطريق من هيران إلى شقلاوة والتي تسمى وادي هيران في أيدي قوات الپیشمرگة بشكل كامل، واتخذت لها مواقع ضد الحكومة العراقية.

 وبعد خسارة مناطق واسعة في منطقة خوشناوتي لم يكن أمام الحكومة العراقية من خيار سوى قصف المنطقة بشكل مكثف بالمدفعية والهاون والطائرات الحربية في شقلاوة وقمة جبل سفين، وقد استشهد جراء هذا القصف في ١٥ آب ١٩٦٢ قائد الپیشمرگة محمود كاواني و ثلاثة آخرين من الپیشمرگة.


المصادر:

١- مسعود بارزانی، بارزانی و بزووتنەوەى ڕزگاریخوازی کورد، بەرگی سێیەم، بەشی یەکەم، شۆڕشی ئەیلوول ١٩٦١-١٩٧٥، چاپی یەکەم، ٢٠٠٤.

٢-  حاجی میرخان دۆڵەمەڕی، گەڕان بەدوای دادپەروەریدا، بەرگی یەکەم، چاپی دووەم، ٢٠٢١.

٣-  خورشید شێرە، خەبات و خوێن، بیرەوەریەکانی ساڵانی خەباتی پێشمەرگایەتی، چاپی سێیەم، (هەولێر- ٢٠١٥).

٤-  غازى عادل گەردى، پێشمەرگەیەک لە خزمەت ڕێبازى بارزانیدا حەجى بیڕۆخى، بەرگى یەکەم چاپى دووەم، (تورکیا- ٢٠٢١).

٥-  شەوکەت مەلا ئیسماعیل حسن، ڕۆژانێ لە مێژووى شۆڕشى ئەیلوول، چاپى یەکەم، (هەولێر- ٢٠٠٧).

٦-  ئارى کەریم، چەند لاپەڕەیەکى زیندوو لە شۆڕشى ئەیلوولدا، (چاپخانەى خەبات- دهۆک- ١٩٩٩).


مقالات ذات صلة

المؤتمر الرابع عشر للحزب الديمقراطي الكوردستاني

بدأ المؤتمر الرابع عشر للحزب الديمقراطي الكوردستاني يوم ٣ تشرين الثاني ٢٠٢٢ اعماله في مدينة دهوك تحت شعار(الحرية، الديمقراطية والعدالة) بحضور ١٠٢٢ مندوباً من مجموع ١٠٦٥ مندوباً يحق لهم المشاركة في المؤتمر من مجموع تنظيمات الحزب، وكان مجلس قيادة للحزب الديمقراطي الكوردستاني قد قرر خلال اجتماع عقده في منتجع پیرمام في ٨ آيار ٢٠٢٢، عقد المؤتمر الرابع عشر للحزب.

مزيد من المعلومات

المؤتمر العاشر للحزب الديمقراطي الكوردستاني

انعقد المؤتمر العاشر للحزب الديمقراطي الكوردستاني(الحزب الديمقراطي الكوردستاني- ٢كانون الاول ١٩٨٩) في قرية هيشماوه ‌شرقي كوردستان، بعد تشكيل الجبهة الكوردستانية عام ١٩٨٨ والتغييرات والمستجدات المحلية والإقليمية.

مزيد من المعلومات

المؤتمر السابع للحزب الديمقراطي الكوردستاني

انعقد المؤتمرالسابع للحزب الديمقراطي الكوردستاني(الحزب الديمقراطي الكوردستاني- العراق-١٥ تشرين الثاني ١٩٦٦) في ناحية گلالة، بعد خلافات الحزب مع المجموعة القديمة في المكتب السياسي، وذهابهم إلى إيران وعودتهم، وهزيمة حكومة عبد الرحمن عارف في جولة حرب جديدة مع الثورة في حزيران ١٩٦٦ و اتفاقية حزيران ١٩٦٦ مع الحكومة لإعادة تنظيم أمور الحزب.

مزيد من المعلومات

كونفرانس ماوەت

تم عقد كونفرانس ماوەت(كونفرانس ماوەت- المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني- العراق) نيسان ١٩٦٤) من قبل المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني بقرار من سكرتير الحزب ابراهيم احمد، لغرض معاداة الزعيم مصطفى بارزاني رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني في قرية ماوەت.

مزيد من المعلومات

ثورة بارزان الأولى

بعد إعدام الشيخ عبد السلام بارزاني على يد الدولة العثمانية في 14 كانون الأول1914، حل الشيخ أحمد بارزاني محل شقيقه الأكبر وهو يبلغ 18 عاماً وأصبح زعيماً دينياً واجتماعياً في منطقة بارزان.

مزيد من المعلومات