ملحمة جبل سفين و قلعة كومة سبان ١٩٦٢

بعد أن سيطرت قوات البيشمركة على وادي هيران، أصبحت منطقة هيران والقرى المحيطة بها جزءًا من المناطق المحررة في كوردستان ووقعت تحت حكم الثورة في منطقة خوشناوتي. لتبقى قمة جبل سفين وشقلاوة و تل كروته في أيدي الجيش العراقي والشرطة والعملاء (جاش) فقط.


للسيطرة على الجبل، تشاور قائد الثورة البارزاني مع قادة البيشمركة (رئيس بكر، مقدم عزيز آكري، حجي بروخي، محمود كاواني، شاكر بك أوغزبك زرني، رحمن شيخ وساني وميركا آغا خايلاني) لوضع خطة لمهاجمة الثكنة التي كانت موجودة علي الجبل.  كان هذا الجبل نقطة مهمة على خريطة كوردستان لأنه كان يطل على سهل أربيل وكان مكانًا استراتيجيًا يربط مناطق أربيل وخوشناوتي وسوران وبالكايتي. كانت أيضًا بوابة  اتصال لبشدر وبيتوين والسليمانية، لذلك حاولت الحكومة دائمًا السيطرة على المنطقة، لأن السيطرة على جبل سفين باعتقادها  كانت ستشكل تهديدًا كبيرًا على منطقة بالكايتي، التي كانت مركز قيادة الثورة.

كانت هناك عدة نقاط  رأتها  قوات البيشمركة  مهمة  لتنفيذ الهجوم وتنفيذ خطة الاستيلاء على جبل سفين من خلال الهجوم عليها أولا. مثل ثكنات كاني شيلانا إلى كاني كويز، مع بداية الغارة على الثكنات  في الخامسة من صباح ٢٣ آب ١٩٦٢، تمكنت قوات البيشمركة من الاستيلاء على قرى كاني شيلانا وكاني كويز وبانه نوك وخوران في مدة قصيرة. كما ألحقت أضرارًا جسيمة بالجيش العراقي، حيث قُتل ٥٢ جنديًا تركت معظم جثثهم في ساحة المعركة وسقطت في أيدي البيشمركة.  و في الأيام التالية ، حاولوا انتشال جثث موتاهم من خلال شخصيات دينية محلية ورجال دين. في معركة جبل سفين هذه، التي كانت  الأولى لقوات البيشمركة في بداية ثورة ايلول استشهد ثلاثة من البيشمركة واصيب ثلاثة اخرون.

بعد الاستيلاء على جبل سفين، بدأت وحدات البيشمركة  في التحرك حول الجبل والبحث لتوجيه المزيد من الضربات إلى الحكومة العراقية وتنفيذ أنشطة أخرى للبيشمركة  والاستيلاء على قواعد الجيش والشرطة والعملاء (جاش). بعد الحصول على موافقة قيادة الثورة، قررت قوات البيشمركة الاستيلاء على مركز شرطة كومةسبان وحاصرت القلعة. أراد القادة إنهاء القتال دون إراقة دماء ودون وقوع إصابات. و على رجال الشرطة الذين لجأوا إلى الداخل الاستسلام لقوات البيشمركة. و طلبوا من رئيس القرية زيارة مركز الشرطة والتحدث معهم بشأن ذلك.

إلا أن الوضع استمر عدة أيام، واستمر الحصار ثلاثة أيام بما أنهم كانوا ينتظرون الاستسلام ، بدت الشرطة، بقيادة عريف فيزي، مصممة على الدفاع عن نفسها وعدم الاستسلام، لكنها كانت على اتصال مع رؤسائها لمساعدتهم. لذلك حاول الجيش العراقي مرتين مهاجمة المنطقة لكسر حصار القلعة وإنقاذ الشرطة، لكن جهودهم باءت بالفشل وفشلت لأن قوات البيشمركة في كل مرة تصدت لهجومهم وهزمتهم. لأن البيشمركة قد وعدت بالاستيلاء على مركز الشرطة هذا بأي ثمن.

 

حاول الجيش العراقي للمرة الثالثة وتبني خطة ماكرة للسيطرة على قوات البيشمركة في خلف  ومن هناك الوصول إلى مركز الشرطة وكسر الحصار، لكن قوات البيشمركة تمكنت من إحباط  تكتيكات الجيش العراقي وإطلاق النار عليهم من الخلف وإلغاء خطتهم وطردهم من المنطقة.

كان وضع الشرطة يزداد سوءًا. و عندما يئسوا من أن يأتي الجيش العراقي لمساعدتهم ، حاولوا الهرب والاستفادة من ظلام الليل. لكن قوات البيشمركة أدركت ذلك واقتربت من القلعة وشددت الحصار، ومع حلول الظلام، فتحت الشرطة باب القلعة واصطفت و أرادوا الخروج من القلعة والفرار. في هذه اللحضة فتح البيشمركة النار عليهم، و بعد إصابة أحد رجال الشرطة، رفع الآخرون أيديهم جميعًا واستسلموا.  ثم سيطر البيشمركة على القلعة ودخلوا مركز الشرطة واستولوا على جميع الأسلحة والترسانة وجميع المعدات التي كانت في المخفر.

شارك في معركة الاستيلاء على قلعة مركز شرطة كومسبان  كل من القادة العسكريين (رشيد بيشوني وفكري بيروخي) وكذلك القيادات (أحمد مصطفى كانيلنجي والملا أمين هوستاني). فأصبحت منطقة خوشناوتي بأكملها تحت سيطرة الثورة وتم تنفيذ التنظيمات والأنشطة التي نفذت في بادينان وبرادوست وبالكايتي من حيث التنظيم والسياسة الحزبية وإنشاء قواعد ومقرات البيشمركة بنفس الطريقة. وعهد البارزاني بمسؤولية خوشناوتي إلى بكر عبد الكريم وعين محمود كواني مساعدا له، وبذلك أصبحت خوشناوتي حصنا حصينا من حصون الثورة بفضل موقف أهل المنطقة من الثورة وكرمها وولائها ودعمها. لكن سرعان ما تعرض قائد البيشمركة الشجاع محمود كاوني للقصف وأصيب بجروح خطيرة و بعد نقله الى مستشفى شورش في بتواته، توفي يوم السبت الاول من أيلول سنة ١٩٦٢ متأثرا بجراحه الخطيرة. و ودع الثورة و الوطن.


المصادر:

١- مسعود بارزانی، بارزانی و بزوتنەوەى ڕزگاریخوازی کورد، بەرگی سێیەم، بەشی یەکەم، شۆڕسی ئەیلوول ١٩٦١-١٩٧٥، چاپی یەکەم ٢٠٠٤.

٢- خورشید شێرە، خەبات و خوێن، بیرەوەریەکانی ساڵانی خەباتی پێشمەرگایەتی، چاپی سێیەم، هەولێر، ٢٠١٥.

٣- غازى عادل گەردى، پێشمەرگەیەک لە خزمەت ڕێبازى غازى عادل گەردى، پێشمەرگەیەک لە خزمەت ڕێبازى بارزانیدا حەجى بیڕۆخى، بەرگى یەکەم چاپى دووەم، تورکیا، ٢٠٢١.

٤- ئارى کەریم، چەند لاپەڕەیەکى زیندوو لە شۆرشى ئەیلوولدا، چاپخانەى خەبات، دهۆک ١٩٩٩.

٥- شەوکەت مەلا ئیسماعیل حسن، ڕۆژانێ لە مێژووى شۆرشى ئەیلوول، چاحى یەکەم، هەولێر، ٢٠٠٧.


مقالات ذات صلة

ملحمة گاره‌ ١٩٨٢

دارت احداث هذه الملحمة في ١٠ كانون الأول ١٩٨٢ في سياني گاره‌ وبعمق ٧٠ كيلومتراً داخل المنطقة التي كانت تسيطر عليها حكومة البعث، عندما هاجمت قوات البيشمركة قواعد ومقرات قوة المغاوير والمسلحين المرتزقة (الجحوش) حيث تكبدت القوات الحكومية في غضون ثلاثة ايام وليال من المعركة خسائر فادحة في صفوفها، وكان لهذه المعركة صدى كبير على صعيد المنطقة.

مزيد من المعلومات

ملحمة احمدآوه ١٩٨٧

دور أحداث هذه الملحمة في منطقة أحمدآوه في ١ تموز ١٩٨٧، عندما هاجمت قوات البيشمركة في احد نشاطاتها عدة قواعد للجيش العراقي والمسلحين المرتزقة، بما في ذلك قاعدة للجيش الشعبي، واستطاعت السيطرة على قواعدهم ومقراتهم والحاق خسائر جسيمة بهم، حيث قُتل وجُرح وأُسر العديد منهم، وبعد يومين قررت قوات البيشمركة الانسحاب ومغادرة المنطقة.

مزيد من المعلومات

ملحمة شارزور ١٩٨٢

دارت الملحمة في ٣١ آیار ١٩٨٢ في منطقة شارزور، بمشاركة قوات البيشمركة من الأحزاب الكوردستانیة في جبهة جود، مثل حزب الديمقراطي الكوردستاني والحزب الاشتراكي والحزب الشيوعي، وقُتل خلال هذه الملحمة العشرات من الجنود والمرتزقة (الجحوش)، واستشهاد اربعة من البيشمركة، ثم عادت القوات الحكومية الى معسكر سيد صادق.

مزيد من المعلومات

هجوم الحكومة العراقية على لجنة محلية زاخو ١٩٨٦

دارت هذه المعركة في تشرين الثاني ١٩٨٦ في منطقة زاخو التابعة لمنطقة بادينان، عندما هاجم الجيش ومسلحو الحكومة العراقية مسنوداً بالمدفعية والطائرات الحربية مقرات ومواقع بيشمركة لجنة محلية زاخو، بهدف قمع صوت الثورة.، ولكن تمكنت قوات البيشمركة افشال الهجوم وصد تقدم المسلحين المرتزقة وابعادهم عن المنطقة.

مزيد من المعلومات

معركة مانگیش ١٩٨٤

دارت هذه المعركة في آب ١٩٨٤، عندما قام الجيش العراقي بالتعاون مع المسلحين المأجورين بالهجوم على منطقة مانگیش لقمع صوت الثورة في المنطقة، ولكن وقفت قوات البيشمركة لهم بالمرصاد حيث تصدت لهم وألحقت بهم أضراراً كبيرة ، كانت خسائر الجيش مقتل وجرح عدد كبير من الجنود و المسلحين.

مزيد من المعلومات