ملحمة جبل سفين نيسان ١٩٧٤

شنت الحكومة العراقية في حزيران ١٩٧٤ هجوماً على جبل سفين، ورغم ان الپيشمرگة كانوا متحصنين في الخطوط الدفاعية، ولكن مواصلة هجمات الحكومة وتسليحها الكبير و الإرهاق الذي كانت تعانيه قوات الپيشمرگة حال دون مواصلة مقاومتها في هذا الجبل، فقرر قادة الپيشمرگة في ذلك المحور من القتال الانسحاب إلى كونفلوسة خلف جبل هورى، حيث أقاموا خطاً دفاعیاً حتى نكسة الثورة بقي حتى ربيع عام 1975.


بعد أربع سنوات من وقف إطلاق النار في ظل اتفاقية ١١ آذار ١٩٧٠ بين قيادة ثورة ايلول وحكومة البعث، ولكن وصلت المفاوضات في نيسان ١٩٧٤ إلى طريق مسدود، نكث البعث بوعوده واستأنف هجماته على كوردستان، حيث وقّع البعث معاهدة صداقة وتعاون مع الاتحاد السوفييتي في نيسان ١٩٧٢، وقام بتسليح قواته بأحدث الأسلحة المتاحة من الاتحاد السوفييتي، مثل طائرات تى یو ٢٢(TU22) و سيخوي ميك، وكذلك ٢٥ مدفع من عيار ١٢٠ ملم و١٥٢ ملم وصواريخ سام ودبابات تي ٦٢، بالإضافة إلى تأميم النفط عام ١٩٧٢، وبالتوازي مع القطاع العسكري انتعش ايضاً  قطاعه الاقتصادي، واخذ يفكر في قرارة نفسه دوماً بإبادة الثورة الكوردية.

وعندما هاجم الجيش العراقي كوردستان، أُمر قوة سفين بالدفاع عن جبل سفين لمنع الجيش من التقدم من ذلك المحور، بالرغم من وجود بعض ربايا الجيش في الجبل قبل بدء المعركة، وأمر قائد قوة سهل اربيل احد افواج قواته لتعزيز الخط الدفاعي عن جبل سفين بقيادة سيد كاكا وسريتين من الفوج بقيادة مام حمدأمين وعارف أبو زيد، صعدت هذه القوة من الپيشمرگة الجبل ومعها مدفع من عيار ١٠٦ ملم وأحد اسلحة دوشكا، لقد هاجمت القوة ربايا الجيش ثلاث مرات، ولكنهم لم ينجحوا في تلك المهمة، وذلك بسبب الغارات الجوية للطائرات ومدفعية الجيش وشدة البرد وتراكم الثلوج في بعض اماكن الجبل.

وبعد فترة من إرسال فوج الپيشمرگة هذا، أدرك فارس باوه قائد قوات سهل أربيل عدم قدرته على مواجهة دبابات ومدرعات الجيش العراقي في شبه السهول، فقرر نقل قوته بالكامل إلى جبل سفين، حيث كان على الدراية من انّ الحكومة تنوي الأستيلاء على الجبل.  

شن الجيش العراقي في حزيران ١٩٧٤ هجوماً مكثفاً على جبل سفين، وتم إرسال سرية من قوات الپيشمرگة بقيادة فارس باوه إلى جبل أوكرد، وكان فوج سيد كاكا مسؤولة عن حراسة خط دفاع كاني سمايل خلف ناحية هيران، وبعد ايام من الهجمات المتتالية وصمود الپيشمرگة هُزمتْ قوات سفين واستولى الجيش على الجبل، ومع هزيمة جناح الخط الدفاعي، اشتدت هجمات الحكومة على جبل آوكرد، ورغم دفاعهم البطولي ولكن خسرت سرية نايف باوة ١٤ شهيداً و٢٠ جريحاً، وبعد السيطرة على جبل سفين، انسحبت قوات الپيشمرگة إلى قرية كونفلوسه خلف جبل هورى، ومن جانب آخر فإنّ قوات الپيشمرگة انسحبت من قرى سوسى وسماقولي كرتك وسمقولي وادي جبل بنباوي لجبل سفين، و التي كانت تقاتل منذ أكثر من شهر، وكانت تدار معارك دامية على مراحل من جبل ديدوان إلى جبل سفين الذي يبعد عنه أكثر من 50 كيلومتراً، وكانت هناك خسائر كبيرة من القتلى والجرحى، وقد انهك التعب قوات الپيشمرگة وكانت القدرة الدفاعية ضعيفة، وكان الطيران الحكومي يقصف مواقع الپيشمرگة يومياً وبكثافة، لذلك تم اتخاذ قرار الانسحاب.

وبعد انسحاب قوات الپيشمرگة إلى جبل هورى، واصل الجيش العراقي هجومه وتقدمه لاحتلال المنطقة، واندلع القتال مرة أخرى بالقرب من الجبل المذكور، في البداية تركت بعض القوات، التي أحبطت معنوياتها بسبب الانسحاب الأول، مواقعها مرة أخرى، لكن قوة من الپيشمرگة بقيادة سيد كاكه قطعت تقدم الجيش العراقي وألحقت به أضرارا جسيمة، وبذلك بقي جبل هورى في أيدي الپيشمرگة حتى نكسة الثورة عام ١٩٧٥.


المصادر:

١- عومەر عوسمان، ژیانى کوردێک، بەرگى یەکەم و دووەم، چاپخانەى موکریان، چاپى دووەم، (هەولێر- ٢٠٠٨).

٢- مسعود بارزانی، بارزانی و بزوتنەوەى ڕزگاریخوازی کورد، بەرگی سێیەم، بەشی دووەم، شۆڕسی ئەیلوول ١٩٦١-١٩٧٥، چاپى یەکەم، (هەولێر-  ٢٠٠٤).

٣- سەید کاکە، بیرەوەرى پێشمەرگەیەک، چاپى یەکەم، (چاپخانەى وەزارەتى ڕۆشنبیرى- هەولێر- ١٩٩٧).

٤- سه‌نگه‌ر ئيبراهيم خۆشناو، ڕووداوه‌ سه‌ربازيه‌كانى شۆڕشى ئه‌يلوول ١٩٧٠-١٩٧٥، چاپى يه‌كه‌م، (هه‌ولێر- ٢٠٢٢).

٥- خوڕشید شێرە، خەبات و خوێن، بیرەوەریەکانى ساڵانى پێشمەرگایەتى، (چاپخانەى حاجى هاشم- چاپى سێیەم، هەولێر- ٢٠١٥).

٦- کاروان جوهر محمد، ئیدریس بارزانى ١٩٤٤- ١٩٨٧ ژیان و ڕۆلى سیاسیى و سەربازى لە بزوتنەوەى ڕزگاریخوازى کورددا، (چاپخانەى هێڤی- هەولێر- ٢٠١٩).

 


مقالات ذات صلة

ملحمة خواکورک

في الفترة من ١٩ تموز إلى ٥ ايلول ١٩٨٨، وقعت اشتباكات كبيرة وواسعة النطاق بين قوات الپیشمرگة وجيش النظام البعثي في منطقة خواكورك التابعة لمنطقة برادوست، حيث شن الجيش العراقي هجوماً واسعاً في المثلث الحدودي (العراق وإيران وتركيا) للسيطرة على المناطق الخاضعة لسيطرة الثورة. وخلال ٤٥ يوماً من القتال والهجمات، هُزمت القوات المسلحة العراقية على يد قوات الپیشمرگة وتكبدت خسائر فادحة من الارواح والمعدات، وفي ٥ ايلول ١٩٨٨ ولعدة اسباب...

مزيد من المعلومات

ملحمة حاج عمران ١٩٨٠

وقعت الملحمة في ١٥ تشرين الثاني ١٩٨٠ في منطقة حاج عمران، عندما اندلعت الحرب العراقية-الأيرانية حيث ارادت قيادة الثورة اغتنام الفرصة لنقل نشاطات الثورة الى حدود حاج عمران في حال تدهور الوضع فيها والأستيلاء على تلك المنطقة، ولكن لم يكن وضع الجيش العراقي على هذا الشكل كما جاءت في المعلومات التي وصلت الى الپيشمرگة، بل كانت تختلف من ناحية القوة، اضافة الى ذلك لم تكن اجواء المنطقة مشجعة لقيام الپيشمرگة بتحقيق اهدافه.

مزيد من المعلومات

ملحمة شارزور ١٩٨٢

دارت الملحمة في ٣١ آیار ١٩٨٢ في منطقة شارزور، بمشاركة قوات البيشمركة من الأحزاب الكوردستانیة في جبهة جود، مثل حزب الديمقراطي الكوردستاني والحزب الاشتراكي والحزب الشيوعي، وقُتل خلال هذه الملحمة العشرات من الجنود والمرتزقة (الجحوش)، واستشهاد اربعة من البيشمركة، ثم عادت القوات الحكومية الى معسكر سيد صادق.

مزيد من المعلومات

ملحمة گاره‌ ١٩٨٢

دارت احداث هذه الملحمة في ١٠ كانون الأول ١٩٨٢ في سياني گاره‌ وبعمق ٧٠ كيلومتراً داخل المنطقة التي كانت تسيطر عليها حكومة البعث، عندما هاجمت قوات البيشمركة قواعد ومقرات قوة المغاوير والمسلحين المرتزقة (الجحوش) حيث تكبدت القوات الحكومية في غضون ثلاثة ايام وليال من المعركة خسائر فادحة في صفوفها، وكان لهذه المعركة صدى كبير على صعيد المنطقة.

مزيد من المعلومات

هجوم الحكومة العراقية على لجنة محلية زاخو ١٩٨٦

دارت هذه المعركة في تشرين الثاني ١٩٨٦ في منطقة زاخو التابعة لمنطقة بادينان، عندما هاجم الجيش ومسلحو الحكومة العراقية مسنوداً بالمدفعية والطائرات الحربية مقرات ومواقع بيشمركة لجنة محلية زاخو، بهدف قمع صوت الثورة.، ولكن تمكنت قوات البيشمركة افشال الهجوم وصد تقدم المسلحين المرتزقة وابعادهم عن المنطقة.

مزيد من المعلومات