وأزمر هو جبل شاهق مشهور في كوردستان، يقع شمال شرق مدينة السليمانية، بسبب ارتفاعه فهو المسيطر على المنطقة المحيطة به، لذلك يعتبر موقعاً جغرافياً مهماً من الناحية العسكرية، وكانت الجبال العالية اماكن للمقاومة والدفاع لقوات الپيشمرگة، وقرر الجيش العراقي الاستيلاء على المرتفعات للسيطرة على المنطقة بأكملها، ورغم ان الجيش العراقي قد بسط نفوذه على قلب مدينة السليمانية، إلا أنه عندما سيطرت قوات الپيشمرگة على مرتفعات جبل أزمر، وجدت قوات الجيش العراقي صعوبة في القيام بواجباتها العسكرية، لذا انها بدأت الاستعدادات لهجوم عسكري للسيطرة على الجبل.
في الساعة الخامسة والنصف من صباح يوم ١٩ حزيران ١٩٧٤، شن الجيش العراقي هجوماً على مواقع الپيشمرگة في جبل أزمر، وقد شاركت في هذا الهجوم ومن اجل السيطرة على الجبل القوة الرابعة من فرقة كركوك الثانية والقوات الخاصة وكتيبة الدبابات التابعة للقوة الثامنة والقوات الجوية، وشاركت مدفعية الفرقة الثانية والمسلحين المرتزقة، وقوات الپيشمرگة التي كانت في حالة تأهب قصوى، تضم الفوج الرابع التابع لقوة بنجوين لقوات خبات بقيادة نوري حمه علي.
استخدمت الحكومة كافة قدراتها العسكرية في هجماتها على مناطق الثورة من دبابات ومدفعية بعيدة المدى ومدرعات وقوة جوية للتغلب على الثورة الكوردية. وبدأ الجيش العراقي في البداية بقصف الجبل بالمدفعية والطائرات الحربية كخدعة عسكرية، لكن قوات الپيشمرگة استبقت ذلك، فقامت بتأمين مواقعها بشكل جيد، حتى لا تتضرر أثناء القصف، رغم ان عدداَ من الپيشمرگة اصيبوا بجراح نتيجة القصف، ولكن كانت قوات الپيشمرگة على استعداد لحماية خط الدفاع.
عندما قصفت القوة الجوية للجيش العراقي مواقع الپيشمرگة في الجبل، أسقطت إدارة الدفاع الجوي للپيشمرگة طائرة مروحية بسلاح دوشكا، مما كان له أثر مهم في رفع معنوياتهم، وبعد توقف القصف المدفعي شن الجيش العراقي هجوماً واسعاً عبر الأماكن التي كانت سهلة المرور منها خاصة في تقدم الدبابات أمام قوات المشاة والمسلحين المرتزقة، ورغم أن تحركاتهم لم تكن سريعة بسبب وجود الألغام المضادة للدبابات، إلا أن قوات المشاة والمرتزقة بدأت بالتقدم في أماكن أخرى، حتى اقتربت من مواقع الپيشمرگة، نشبت معركة حامية بينهما ودحرت قوات الپيشمرگة الهجوم. وعلى مدار ذلك اليوم، تمكنت قوات الپيشمرگة من التصدي للهجوم بأقوى الوسائل، وبقيت جثث العديد من الجنود والمرتزقة المأجورين في ساحة المعركة، وقام الجيش بنقل جثث قتلاه على ظهر الدبابات بعد انسحابه من ساحة المعركة.
فشل الجيش العراقي في إصابة هدفه في ذلك اليوم، وفي اليوم التالي أي في ١٩ حزيران ١٩٧٤، استأنف هجومه الواسع النطاق، مثل اليوم السابق، والذي كان أكثر كثافة من حيث القصف والغارات الجوية، ثم هاجموا مواقع الپيشمرگة بقوة كبيرة وبإسناد كتائب الدبابات والمدرعات، وبعد معركة حامية ودامية تكبد الجيش العراقي العديد من الضحايا ودمر العديد من الدبابات والمدرعات، لذا لم يتمكن الجيش من التقدم، لكن إصرار الجيش العراقي على الاستيلاء على جبل أزمر أدى إلى معاقبة بعض ضباط الجيش، وبث الخوف في نفوس آخرين من أجل هزيمة الپيشمرگة، وبعد ضغوط كبيرة وهجمات متواصلة وأعداد لا حصر لها من الجنود والأسلحة الثقيلة والدبابات والمدفعية والمدرعات والقوة الجوية، رغم الخسائر الفادحة للجيش والمرتزقة، ولكن استطاع الجيش من السيطرة على جبل أزمر ولم تحرم قوات الپيشمرگة من الشهداء والجرحى.
المصادر:
١- سهنگهر ئيبراهيم خۆشناو، ڕووداوه سهربازيهكانى شۆڕشى ئهيلوول ١٩٧٠-١٩٧٥، چاپى يهكهم، (چاپخانەى دانیشفەڕ- ههولێر- ٢٠٢٢).
٢- ملازم خدر عەبدوڵڵە دەباغ، بیرەوەریەکانم و تۆپخانەى شۆرش ئەیلوولى مەزن چاپخانەى ڕۆشنبیری، (چاپى سێیەم- هەولێر- ٢٠٢٠).
٣- کاروان جوهر محمد، ئیدریس بارزانى ١٩٤٤- ١٩٨٧ ژیان و ڕۆلى سیاسیى و سەربازى لە بزوتنەوەى ڕزگاریخوازى کورددا، (چاپخانەى هێڤی- هەولێر- ٢٠١٩).
٤- ئیبراهیم جەلال، باشورى کوردستان و شۆرشى ئەیلوول بنیادنان و هوڵتەکاندن، چاپى چوارەم، ٢٠٢١.