من الواضح أن قوات الپیشمرگة كانت قد ابتعدت عن سهل أربيل لفترة من الزمن بسبب الضغط الشديد من الحكومة والميليشيات العميلة، ولهذا السبب أتيحت الفرصة للقوات الحكومية والميليشيات العميلة للتصرف كما يحلو لهم في القرى مع المواطنين والقرويين، لذلك، رأت قوات الپیشمرگة التابعة لقوات سهل أربيل بقيادة فارس باوه أنه من الضروري عقد اجتماع ومناقشة الوضع، وبعد المناقشات وتبادل الآراء، تقرر إرسال قوة إلى سهل أربيل لتنفيذ بعض العمليات وملء الفراغ الذي خلّفه الإهمال في عمليات الپیشمرگة.
إحدى العمليات التي نفذها الپیشمرگة في تلك الفترة، كانت الهجوم على معاقل الميليشيات العميلة في قريتي كَردز وكَرزُور في سهل أربيل، ومن الواضح أن هذه المعركة وبعض المعارك الأخرى التي خاضها الپیشمرگة مع المرتزقة تؤكد المعلومة التي تفيد بأن معارك الپیشمرگة كانت في الآونة الأخيرة في الغالب مع الميليشيات العميلة وليس مع الجيش والقوات الحكومية الأخرى، وذلك بسبب الوضع الذي نشأ في العراق واستيلاء البعثيين على السلطة للمرة الثانية عن طريق انقلاب، وكانت علاقتهم مع الثورة في حالة من "لا حرب ولا سلم".
في ليلة ١٨ على ١٩ أيار ١٩٦٩، وضعت قوات الپیشمرگة خطة محكمة لتنفيذ عملية، والتي كانت عبارة عن مداهمة معاقل الميليشيات العميلة في القريتين المذكورتين بالقرب من طريق أربيل - آلتون كوبري، لأنهم منذ استقرارهم في تلك المنطقة لعبوا دوراً سيئاً وغير مستقر وألحقوا الأذى بسكان القرى والفلاحين.
بدأ هجوم الپیشمرگة بشكل مفاجئ في الساعة ١١ ليلاً واستمر حتى الساعة ١ بعد منتصف الليل، ومن الواضح أن قوات سهل أربيل في إحدى عملياتها السابقة استولت على سيارة عسكرية وقاموا بتصفيحها وتحويلها إلى دبابة مصطنعة، هاجم الفوج الثاني بقيادة العريف عثمان والفوج الثالث بقيادة أحمد حاجي علي مدعومين بالدبابة المصطنعة الميليشيات في قرية كَردَز، وبسبب استخدام الدبابة، تمكنوا بسرعة من دحر الميليشيات والسيطرة على قواعدهم في ذلك المحور من هجوم الپیشمرگة، كما هاجم الفوج الثالث بقيادة سيد كاكه قرية كَرزُور، وبعد قتال استمر عدة ساعات، تمكنوا من تحقيق النصر والحاق الهزيمة بالميليشيات وطردهم من المنطقة.
بالإضافة إلى تدمير القوة المسلحة العميلة، تكبدت القوة المهاجمة خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات في الهجوم على القريتين، تمثلت في مقتل ٥٠ مسلحاً وإصابة ٣٠ آخرين وأسر مسلح واحد، ومن بين القتلى كان هناك مسؤولان مسلحان عميلان من اهالي أربيل، حققت قوات الپیشمرگة مكاسب كبيرة في هذه المعركة من الأسلحة والمعدات العسكرية والمؤن، مثل مدفع واحد عيار ٣ بوصات، ثلاث رشاشات برين، ١٢ بندقية برنو، بندقية كلاشينكوف واحدة، ٣ بنادق سيمينوف، ٤ بنادق ذات ١١ طلقة، بندقيتين برنو انكليزيتين بالإضافة إلى عدد كبير من طلقات رشاش برين الإنكليزية والروسية، بالإضافة إلى سيارتين ومنظار واحد، أما خسائر قوات الپیشمرگة فكانت عبارة عن شهيد واحد وأربعة جرحى طفيفين.
بعد هذا الانتصار الذي حققه الپیشمرگة على المسلحين المرتزقة، وتحديداً في اليوم التالي، أي في ١٩ أيار ١٩٦٩، رداً على هذه الهجمة وكتعبير عن غضبها، بدأت الحكومة بقصف مكثف للمنطقة، حيث قصفت القرى المحيطة بمعسكر قوشتبة بأكثر من ١٥٠ قذيفة مدفعية، كما قامت أربع طائرات ميگ لمدة ساعتين بقصف عشوائي لقرى رسول بسكول وبیستانة وبعض مناطق سهل أربيل، أسفر هذا القصف المدفعي والجوي عن إصابة ثلاثة من الپیشمرگة بجروح طفيفة، وفي الليلة نفسها، أي ليلة ١٩ على ٢٠ أيار بدأوا بقصف معسكر بیستانة الصغيرة والمناطق المحيطة بها.
المصادر:
١- ئارى کەریم، چەند لاپەڕەیەکى زیندوو لە شۆڕشى ئەیلوولدا، (چاپخانەى خەبات- دهۆک- ١٩٩٩).
٢- هاوکار کریم حمە شریف، شۆڕشی ئەیلوول، چاپى یەکەم، (چاپخانەى زانکۆى سەلاحەدین- هەولێر- ٢٠١٢).
٣- مسعود بارزانی، بارزانی و بزوتنەوەى ڕزگاریخوازی کورد، بەرگی سێیەم، بەشی یەکەم، شۆڕشی ئەیلوول ١٩٦١-١٩٧٥، چاپی یەکەم، ٢٠٠٤.
٤- سەید کاکە، بیرەوەرى پێشمەرگەیەک، چاپى یەکەم، (چاپخانەى وەزارەتى رۆشنبیرى- ١٩٩٧).
٥--خورشید شێرە، خەبات و خوێن، بیرەوەریەکانی ساڵانی خەباتی پێشمەرگایەتی، چاپی سێیەم، (هەولێر- ٢٠١٥).