في عام ١٩٦٨، كان العراق يمر بحالة سياسية خاصة، حيث شهد انقلابين عسكريين في غضون أيام قليلة. وكان ١٧ و٣٠ تموز هما التاريخان اللذان أطاح فيهما البعثيون بنظام الرئيس عبد الرحمن عارف ورئيس الوزراء عبد الرزاق نايف، وتولوا السلطة في العراق للمرة الثانية، ولم يكن هناك خلال هذه الفترة أي قتال بين قوات پیشمرگة الثورة والقوات الحكومية حتى نهاية عام ١٩٦8، ولكن استمرت المواجهات بين قوات الپیشمرگة ومسلحي الجناح القديم للمكتب السياسي، وكان الأمر أكثر كثافة، مع وقوع معارك ثانوية بين قوات الپیشمرگة والقوات الحكومية من حين لآخر.
وفي نفس سلسلة المعارك والهجمات التي شنتها هذه المجموعة في خريف عام ١٩٦8 في منطقة قادركرم بمنطقة کرميان، هاجم عدد كبير من مسلحيهم بدعم من فوجين من مغاويري الحكومة والدبابت و المدفعية والمدرعات والطائرات الحربية، هاجموا قوات الپیشمرگة في حدود نشاطات الفوج الخامس، حيث كان آمر الفوج وقوات الپیشمرگة التابعة له تتجه نحو قرية محمود پريزاد في جولة، في هذه اللحظة تم تحذيرهم من قبل قائد المفارز غبر جهاز اللاسلكي بالتوجه لمساعدة الپیشمرگة الذين كانوا بإمرة العريف ستار، لأن الحكومة ومسلحي الجناح السياسي القديم شنوا عليهم هجوماً واسعاً.
وبعد أن وصلت قوات دعم الپیشمرگة إلى المكان المحدد، وجدت أن قوات العريف ستار كانت قليلة الذخيرة ومنهكة للغاية وكانت قدرتها على مقاومة هجوم قوات العدو ضعيفة، فتجمعوا على الفور وخططوا لهجوم مضاد ثم هاجموا قوات الحكومة والمسلحين من عدة جهات مرددين انشودة (نحن الكورد لن نُهزم.. نحن محاربون لن نُهزم)، وبعد ساعتين من القتال العنيف، اضطر الجيش العراقي والمسلحون إلى التراجع إلى كركوك، وأبلغ قائد قوة قرداغ بالوضع عن طريق جهاز اللاسلكي وتم اصدار أمر بعدم ملاحقتهم بعد الآن، والتوقف هناك على الفور.
ونتيجة لهذه الهزيمة، تكبدت الحكومة والمسلحون خسائر فادحة واستولت قوات الپیشمرگة على الكثير من المعدات، من بينها الاستيلاء على كمية كبيرة من الأسلحة والذخائر، فضلاً عن تدمير دبابتين ومدرعة واحدة وسيارتين من نوع (زيل)، كما تُركت جثث العديد من المسلحين في ساحة المعركة، ثم طُرحت نتائج المعركة وانتصار الپیشمرگة في هذه الملحمة في رسالة إلى القائد إدريس بارزاني الذي أشرف بنفسه على القتال عبر اتصالات اللاسلكي، رداً على الرسالة الموجهة إلى قوات الپیشمرگة يقول: (طوبى لكم انتم السند لـ کرمیان)، ويوصيهم أيضاً ما يجب عليهم فعله لدفن الجثث، لأنه يعتقد أن الخونة والعملاء الذين تم تضليلهم هم كلهم كورد، ولا ينبغي اعتبارهم أعداء وثم دعوا بعض أهالي القرية لمساعدتهم في جمع ودفن الجثث وفق تعاليم الدين الأسلامي الحنيف.
خلال حملة جمع الجثث، عثر أحد سكان قرية زردة على جثتي شقيقه وابن شقيقه بين القتلى، فوضع الجثتين في مؤخرة شاحنة وارتسمت على وجهه علامات الفرح، نظر إليه قائد قوات الپیشمرگة مستغرباً وسأله لماذا كنت سعيداً إلى هذا الحد وقد فقدت شقيقك وابن شقيقك؟ فأجاب بأن هناك شيئاً واحداً لم أستطع أن أرفع رأسي بين شعب كوردستان وهو عمالة هذين الرجلين، وهذا العار سينتهي بدفنهما، كان هذا هو الشعور الوطني لأنسان أمي عادي في إحدى قرى ذلك البلد، وهو يستعيد جثتي أخيه وابن أخيه اللذين قتلا بسبب الخيانة الوطنية.
يذكر انه في الفترة ما بين ٢٩ حزيران ١٩٦٦ وانقلاب البعثيين في ١٧ و٣٠ تموز ١٩٦٨، كان الأعضاء السابقون في المكتب السياسي مع الحكومة، بدأوا التحرك ضد ثورة ايلول بمساعدة الحكومة، راح ضحية ذلك العشرات من الناس من جهة، والأستخفاف ببنود اتفاقية ٢٩ من جهة أخرى، وبالإضافة إلى ذلك، في ١٠ تشرين الثاني١٩٦8 هاجم النظام البعثي المناطق الخاضعة لسيطرة الثورة بكل أسلحته، والى جانب الجيش العراقي فقد هاجم مسلحو قوات الجناح القديم للمكتب السياسي وكان عددهم ٤ -٥ ألاف مسلح، هاجموا قوات الپیشمرگة في وادي جافايتي، سيويل، شارباژير، سروچک، حلبجة، بيارة وطويلة، دوكان، بيتوين، پشدر ورانيه، لأن البعثيين فتحوا المجال لهذه المجموعة أكثر بكثير من أسلافهم من النظام، لمعاداة الثورة ومهاجمتها وتدمير كوردستان أكثر فأكثر.
سەرچاوەکان:
١- مسعود بارزانی، بارزانی و بزوتنەوەى ڕزگاریخوازی کورد، بەرگی سێیەم، بەشی یەکەم، شۆڕسی ئەیلوول ١٩٦١-١٩٧٥، (چاپخانەى وەزارەتى ڕۆشنبیرى- چاپی یەکەم- هەولێر، ٢٠٠٤).
٢ - ئارى کەریم، چەند لاپەڕەیەکى زیندوو لە شۆڕشى ئەیلوولدا، (چاپخانەى خەبات- دهۆک- ١٩٩٩).
٣- کاروان جوهر محمد، ئیدریس بارزانى ١٩٤٤- ١٩٨٧ ژیان و ڕۆلى سیاسیى و سەربازى لە بزوتنەوەى ڕزگاریخوازى کورددا، (چاپخانەى هێڤی- هەولێر- ٢٠١٩).
٤- ئیبراهیم جەلال، باشورى کوردستان و شۆڕشى ئەیلوول بنیادنان و هەڵتەکاندن ١٩٦١- ١٩٧٥، چاپی چوارەم، ٢٠٢١.
٥- هاوکار کەریم حەمە شەریف، شۆڕشی ئەیلوول، چاپخانەى زانکۆى سەلاحەدین، چاپى یەکەم، (هەولێر- ٢٠١٢).