بعد أن استولى البعثيون على السلطة في العراق عبر انقلاب عسكري، أوقفوا هجماتهم ومعاركهم على كوردستان لمدة ثلاثة أشهر، لكن سرعان ما استأنف البعثيون هجومهم على كوردستان مرة أخرى، خطة الجيش العراقي في تلك المرة كانت تركّز بشكل كامل على منطقة سپييلك، بهدف الوصول منها إلى بارزان والسيطرة الكاملة على المنطقة.
تكونت القوات الحكومية في هذا الهجوم من الفرقة الثانية التي تشمل الألوية (٢، ٥، ١٩، ٢٥، ٢٧، ٢٩)، تحت قيادة العقيد الركن إبراهيم فيصل الأنصاري الذي تم تعيينه كمشرف عام على هذه الحملة العسكرية. كما تم منح آمر اللواء سعيد حمو سلطة كاملة بسبب حقده وغضبه الشديد على قيادة الثورة والشعب الكوردي.
في ٢٩ حزيران ١٩٦٣، اندلعت معركة كبيرة في دربند كورى واستمرت حتى المساء، ونتيجة لذلك، انسحبت قوات الپيشمرگة من ذلك الوادي، لكنهم لم يتمكنوا من إقامة خط دفاع في مضيق ميراوه وسهل حرير وأماكن أخرى حتى وصلوا إلى مرتفعات سپييلك، ومن هناك، انتشروا في المواقع الاستراتيجية ومنعوا تقدم الجيش العراقي، وصلت قوات الحكومة أيضاً إلى سهل حرير وأنشأت معسكراً فيه.
تم تكليف العقيد الركن كافي نبوي للقيادة العامة لقوات الپيشمرگة في هذه المعركة، وكان قادة القوات هم: حاجي بيروخي، ككو ميرگسوري، مصطفى نيرويي، الملا أمين هوستاني، جادر گويزي، حمەزياد فقياني، عزت سليمان بك دەرگلەيي، حميد بيري والعريف ياسين، حيث تمركز كل واحد منهم في محور من محاور القتال.
كانت خطة الجيش العراقي للهجوم على بارزان تهدف إلى التنفيذ من قبل فرقتين في وقت واحد: الفرقة الأولى من جبل پیرس والفرقة الثانية من سپييلك، وذلك بعد أن تراجعت قوات الپيشمرگة من هيبت سلطان، دفعت الحكومة بجزء من قواتها إلى تلك القوات المتمركزة في سهل حرير، لكن اللواء الثالث في خليفان وبالكيان كان محاصراً من قبل قوات الپيشمرگة، وقد قُطعت عنهم المؤن والغذاء وكانوا على وشك الاستسلام. ولكن عندما وصلت قوة عسكرية عراقية أخرى إلى سهل حرير، عادت إليهم الآمال، كما ساعدهم حسين سورچي مسؤول المرتزقة في توفير المؤن والغذاء.
تمركزت القوات مقابل بعضها البعض لفترة من الوقت، وفي بني حرير أيضاً، تمركزت قوة من الپيشمرگة ولم تسمح للجيش العراقي بالتقدم من سهل حرير، في أحد الأيام، حلقت طائرة هليكوبتر حربية فوق مواقع الپيشمرگة في مرتفعات سپييلك، وأمطرها الپيشمرگة بوابل من النيران من مواقعهم، غادرت الطائرة المنطقة بسرعة وهبطت في سهل حرير، بعد ذلك، بدأ الجيش العراقي قصفاً مكثفاً لمواقع الپيشمرگة وأشعل النيران في المنطقة، في بعض الأحيان، وبسبب الخلافات بين قادة الپيشمرگة وعدم عودتهم للتنسيق والتشاور مع بعضهم البعض، يتأثر ميزان القوى سلباً وتنشأ اضطرابات في صفوف الپيشمرگة وتنهار المعنويات في مواقعهم.
تم إرسال قوة من الپيشمرگة بقيادة المقدم عزيز آكريي إلى سپیلک لدعم جبهة القتال، على الرغم من أنه لم يكن لديه أي مسؤولية في هذا المحور، في إحدى الليالي، أرسل سليمان شاولي شاندري قوة من الپيشمرگة إلى قرية بردين في جنوب سپیلک دون تنسيق مع العقيد الركن كافي نبوي، بحجة مصادرة الأسلحة من سكان القرية، على ما يبدو للاشتباه في تعاونهم مع الجيش العراقي، تصدى أهالي القرية لقوات الپيشمرگة واندلع قتال عنيف بينهم، واستشهد مسؤول الپيشمرگة سليمان شاولي شاندري وثلاثة من الپيشمرگة، وتُركت جثثهم في ساحة المعركة، عندما وصلت الأخبار إلى قوات الپيشمرگة، هاجمت قوة أخرى بقيادة حاجي بيروخي المسلحين في القرية من خط سيناوه للنجدة، وعلى الرغم من أنهم تغلبوا عليهم، إلا أن أربعة من الپيشمرگة استشهدوا وأصيب اثنان آخران ثم انسحبت قواتهم.
بعد ذلك الخلاف والفوضى التي نشأت في صفوف قوات الپيشمرگة، شن الجيش العراقي في ١٥ تموز ١٩٦٣ هجوماً واسع النطاق على جبهة سپييلك، وفي الوقت نفسه، انتشرت شائعات بين الپيشمرگة مفادها أن الحصار المفروض على اللواء ٣ في خليفان قد رُفع وأنهم سيطروا على وادي علي بگ، لذلك وبعد قتال استمرعدة ساعات، انسحبت قوات الپيشمرگة في ١٦ تموز من مرتفعات سپييلك وسيطر عليها الجيش العراقي.
المصادر:
١- مسعود بارزانی، بارزانی و بزوتنەوەى ڕزگاریخوازی کورد، بەرگی سێیەم، بەشی یەکەم، شۆڕسی ئەیلوول ١٩٦١-١٩٧٥، چاپی یەکەم، ٢٠٠٤.
٢- غازى عادل گەردى، پێشمەرگەیەک لە خزمەت ڕێبازى بارزانیدا حەجى بیڕۆخى، بەرگى یەکەم چاپى دووەم، تورکیا، ٢٠٢١.
٣- زرار سلیمان بەگ دەرگەڵەیی، بیروەریەکانم لە ساڵانى ١٩٤٣-١٩٧٧دا.
٤- شەوکەت مەلا ئیسماعیل حسن، ڕۆژانێ لە مێژووى شۆرشى ئەیلوول، چاحى یەکەم، (هەولێر- ٢٠٠٧).
٥- ئارى کەریم، چەند لاپەڕەیەکى زیندوو لە شۆرشى ئەیلوولدا، چاپخانەى خەبات، (دهۆک- ١٩٩٩).
٦- حاجى میرخان دۆڵەمەرى، گەڕان بەدواى دادپەروەریدا، بەرگى یەکەم، چاپى دووەم، (چاپخانەى اسراء- تاران- ٢٠٢١).