معركة دوکان ١٩٦٩

شهد عام ١٩٦٩ سلسلة من الهجمات التي شنتها قوات الپیشمرگة على المعسكرات والمناطق التي كانت قد احتلها الجيش العراقي والقوات التابعة للمكتب السياسي القديم، كان الهجوم على معسكر دوكان من قبل قوات الپیشمرگة ليلة ١٩-٢٠ ايلول ١٩٦٩ واحداً من سلسلة حملات فرضتها قوات الپیشمرگة على الجيش العراقي، وتمكنوا من السيطرة على المعسكر والبقاء فيها لفترة من الوقت، مما تسبب في الحاقهم خسائر بشرية ومادية فادحة.


وفكرت قيادة ثورة أيلول في استهداف موقع استراتيجي آخر للجيش العراقي بعد الهجوم على منشآت باباگورگور النفطية في الأول من آذار ١٩٦٩ ولعملية فدائية أخرى للپیشمرگة، تم تحديد معسكر دوكان الذي كان مقراً للواء وتعرضت لنيران قوات الپیشمرگة، بعد شهرين من تدريب القوات الخاصة بأسلحة خاصة.

وأوكلت قادة الثورة هذه المهمة إلى اثنين من قادة الپیشمرگة هما عزيز آكريي ورشيد سندي، كانت ليلة ١٩-٢٠ ايلول ١٩٦٩ هي ليلة الهجوم، وقد تم تنفيذ الهجوم في الوقت المحدد كما كان مخططاً له، وقد حقق نجاحاً متميزاً، حيث سيطرت قوات الپیشمرگة على كامل المعسكر وألحقت أضراراً جسيمة بالجيش العراقي، وتناثرت جثث العشرات من الجنود خلال المعركة، كما أُخذ عشرات آخرون أسرى.

استخدمت قوات الپیشمرگة في هذا الهجوم أسلحة ثقيلة مثل مدافع عيار ١٢٠ ملم وقاذفات آر بي جي، ورغم أن معسكر ثابت تم إنشاؤه هناك منذ سنوات عديدة بجدران وأسلاك شائكة وألغام، إلا أن قوات الپیشمرگة تمكنت من الاستيلاء عليه والبقاء فيه لفترة من الوقت، وبالإضافة إلى الأضرار الجسيمة التي لحقت بالجيش، تعرضت القوات العسكرية التي تحرس الحدود المائية للبحيرة لأضرار جسيمة، حيث دمرت قواربها وسقطت في المياه، وغرق عدد كبير من الجنود في مياه دوكان وبقيت فيها عشرات الجثث.

لكن انتصار الپیشمرگة في هذه المعركة لم يلبث أن استهان به وانتهى بالهزيمة، بسبب أخطاء وإهمال بعض مسؤولي الپیشمرگة، وكان الخطأ أنهم أبقوا الطريق بين دوكان والسليمانية مفتوحاً بعد الاستيلاء على المعسكر، لأن الدكتور خالد كان مسؤولاً عن القوة المكلفة بقطع طريق خلكان، لكنه لم يقم بواجبه ولم ينفذ الأوامر، ومن ناحية أخرى كان جميع كل الپیشمرگة قد تجمعوا في هذا المعسكر، وفجأة رأوا انّ قوات الدعم السريع التابعة للجيش العراقي قد فتحت نيران أسلحتها على المعسكر بالمدفعية والدبابات والرشاشات، ونتيجة للقصف والهجوم من قبل الجيش العراقي، اضطرت قوات الپیشمرگة إلى التراجع، مما أدى إلى سقوط عدد من الشهداء والجرحى وتركت جثثهم في ساحة المعركة وقد اعاد الجيش سيطرته على المعسكر.

ويبدو انّ تأثير وخسائر الپیشمرگة على الجيش العراقي في هذه المعركة ومعارك أخرى مثل معركة قرداغ و گرمیان وضرب منشآت باباگورگور النفطية ومعركة بيستانه ووادي آلانه و بیرمگرون وجبل سورداش والعديد من المعارك الأخرى، التي تمكن الجيش العراقي بمساعدة ودعم قوات الجناح السياسي القديم من تنفيذها، بداية سيطروا على عدة أماكن والبقاء فيها، إلا أن قوات الپیشمرگة واجهتهم بخطة محكمة وألحقت بهم أضراراً جسيمة، وهذا ما دفع بعض قادة البعث المتنفذين إلى الاعتقاد بأن القضية الكوردية لا يمكن حلها بالحرب والقتال، بل يمكن لهم تجاوزها بالحوار والسلام فقط، وهو ما أدى إلى اتفاقية ١١ آذار ١٩٧٠.


المصادر:

١- مسعود بارزانی، بارزانی و بزوتنەوەى ڕزگاریخوازی کورد، بەرگی سێیەم، بەشی دووەم، شۆڕسی ئەیلوول ١٩٦١-١٩٧٥، چاپی یەکەم، (چاپخانەى وەزارەتى ڕۆشنبیرى- هەولێر- ٢٠٠٤).

٢- ئارى کەریم، چەند لاپەڕەیەکى زیندوو لە شۆڕشی ئەیلوولدا، (چاپخانەى خەبات- دهۆک ١٩٩٩).

٣- سه‌نگه‌ر ئيبراهيم خۆشناو، ڕوداوه‌ سه‌ربازيه‌كانى شۆڕشى ئه‌يلوول١٩٧٠-١٩٧٥، چاپى يه‌كه‌م، (هه‌ولێر- ٢٠٢٢).

٤- ئیبراهیم جلال، باشووری كوردستان و شۆڕشی ئه‌یلوول، بنیاتنان و هه‌ڵته‌كاندن، ١٩٦١-١٩٧٥، چاپی چواره‌م، ٢٠٢١.


مقالات ذات صلة

ملحمة گورز ١٩٧٤

يقع جبل گورز غرب مدينة سوران وشمال مدينة رواندوز، وهو مكان مهم واستراتيجي بالنسبة لمدينة سوران، في عام ١٩٧٤ حاول الجيش العراقي شن هجوم على قواعد ومقرات الپیشمرگة عبر جبل گورز، وتكبد الجيش العراقي خسائر فادحة في تلك المعركة، حيث ترك نحو ٤٠ جثة لجنوده في ساحة المعركة.

مزيد من المعلومات

ملحمة لومانا – کڤلسنى

بعد معركة زاويته في ٥ حتى ٦ كانون الأول ١٩٦١ والتي حققت فيها قوات الپیشمرگة نصراً كبيراً، وبعد أن ألحقت أضراراً فادحة بالجيش والمرتزقة، وادى ذلك الى سيطرة الپیشمرگة على ناحية سرسنک ووادي زاويته...

مزيد من المعلومات

ملحمة قرداغ ١٩٦٨

في أواخر عام ١٩٦٨ شنت الحكومة العراقية بمساعدة وتنسيق مسلحي المكتب السياسي القديم هجوماً مضاداً كبيراً على المناطق الخاضعة لسيطرة ثورة أيلول، تمكنوا من احتلال مساحة جغرافية واسعة في کرميان وقرداغ، لكن قيدة الثورة شنت هجومًا شاملاً لتحرير هذه المناطق، وفي تشرين الثاني ١٩٦٩ تمكنت من السيطرة على قرداغ وعدة مناطق أخرى وطرد قواتهم من تلك الاماكن.

مزيد من المعلومات

ملحمة مضيق عمر آغا

يقع مضيق عمر آغا في شمال سهل ديانا بين قرى بادليان في الجنوب وشيخان في الشمال، ويمر من هذا المضيق الطريق الرئيس بين سوران- سيدكان، في ٦ نيسان ١٩٦٦، شن الجيش العراقي هجوماً برياً وجوياً تحت اسم (توكل على الله) على هندرين وزوزك ومضيق عمر آغا...

مزيد من المعلومات

ملحمة قلعة (قشلة) رايات

كانت قلعة رايات حصناً قوياً تم بناؤه في عهد النظام الملكي كجزء من خطة الحكومة لغزو المنطقة، وكانت جدرانها مبنية من الحجر والأسمنت ومتینة جداً، وكانت وسيعة وكبيرة لدرجة أنها يمكن أن تستوعب فوجاً عسكرياً، ومن طابقين تتكون من قسمين رئيسيين وتحتوي على عدة غرف، المدخل الرئيس للقلعة مواجه للغرب ومحيطها مناطق خالية، وكان يقع بين قرى خلان ورايات وباوكراوه في منطقة بالكايتي.

مزيد من المعلومات