استولى البعثيون على السلطة في العراق من خلال انقلاب عسكري في ١٧ إلى ٣٠ تموز ١٩٦٨، وكتقليد دائم لإعادة تنظيم وتعزيز سلطتهم في العراق، بدأوا في التفاوض وتقديم وعود لا أساس لها من الصحة لحل القضية الكوردية، ولم يلبث طويلاً وكسائر الأنظمة الأخرى، سرعان ما توارت عن تنفيذ مطالب الثورة وحل القضية الكوردية، واستأنفت الهجمات على مواقع الپیشمرگة في أواخر عام ١٩٦٨.
وفي الفترة من آب ١٩٦٨ إلى تشرين الثاني ١٩٦٨، استأنف الجيش العراقي سلسلة هجماته على مناطق مختلفة من كوردستان، وتعرضت إحدى المناطق (آكرى- شيخان) لهجوم جديد من قبل جيش العراقي ( حکومة البعثین) ومسلحين مرتزقة، حيث ادى ذلك الى وقوع جرائم وضحايا مثل مذبحة كهف دكان.
وكانت دكان قرية جذابة قريبة من نهر خازر على سفوح جبل خيرى في منطقة شيخان، وكان عدد سكان القرية حوالي ٢٠ إلى ٣٠ عائلة تعمل بالزراعة، واشتهرت القرية ببساتين والزيتون والفواكه.
بعد مرور عام على الحكم البعثي وعلى وجه التحديد في منتصف شهر آب ١٩٦٩، شن الجيش العراقي هجوماً عسكرياً كبيراً على آكرى في منطقة شمكان مثل قرى بلان، تلە، ميرسیدا، سەرکاف، خورت، دکان، نيروک، باسفرين و بیرى في سفح جبل خيری، وذلك بدعم من مئات المرتزقة من هركيين والأسلحة الثقيلة والخفيفة المتنوعة، لقمع الكورد وإحباط ثورة أيلول، كان الهجوم بأشراف وزير الداخلية صالح مهدي عماش وبقيادة عبدالجبار الأسدي قائد الفرقة الرابعة، وقام من الجو بقصف المنطقة بالمدافع والطائرات، أحرق الرطب واليابس معاً، وقد دافعت قوة الپیشمرگة في (آكري – شيخان) بالبنادق الخفيفة فقط التي كان بحوزتها.
بدأت الحرب بالقصف والغارات الجوية في ماريبا وشرمنى وباكورمان، ثم شنوا هجوماً بالمشاة على المنطقة، وقد لجأ أهالي قرية دكان، مثل جميع القرى الأخرى، إلى كهف بالقرب من قريتهم وهو كهف دكان لحماية انفسهم والأختباء داخل الكهف وتجنباً من القصف المدفعي والطائرات، ومن أجل منع الجيش العراقي من العثور عليهم، قاموا بجمع الكثير من الأخشاب أمام الكهف، ولكن في إشارة أخرى تقول أنه تم بناء عدة كبرات على بعد مائة متر أمام الكهف ولقد وضعوا فيها بعض الأثاث كمنزل مؤقت لهم.
ويبدو انّ قوات الجيش ومسلحي الحكومة كانت تتقدم حتى وصلت داخل القرية في ١٨ آب ١٩٦٩، وعلى الفور شرعوا في نهب ممتلكات أهل القرية ثم أشعلوا النار في منازلهم، ثم بدأوا بتفتيش أهالي القرية حتى عثروا على الكهف الذي كان يختبئ فيه ٦٦ مواطناً بينهم نساء وأطفال وشيوخ ومُقعدين، وكان الرجال قد توجهوا إلى الجبال، أطلق الجيش العراقي والمسلحون المرتزقة النارعلى الكهف وأشعلوا النار في الأشجار والكبرات المبنية أمام الكهف، واختلطت أصوات إطلاق النار وصرخات النساء والأطفال معاً حتى امتلأت جميعها بالدخان واطلاق نيران الجيش والمرتزقة وقد قتلوا واختنقوا، وكان أول من استشهد أمام الكهف رجلاً مسناً معاقاً أصيب برصاصة، وحاولت بعض النساء القفز والعبور من خلال النار والوصول إلى بئر قريبة من الكهف، لكنهن احترقن لدرجة أنهن لم يستطعن الوصول إلى الماء واستشهدن. حتى لم ينجو احد في هذا الهجوم الغادر واستشهدوا جميعاً، بينهم ٣٧ طفلاً و٢٩ امرأة ورجل عجوز.
وبعد أيام قليلة، جاءت مجموعة من الپیشمرگة الذين سمعوا بهذه المأساة إلى الكهف لمساعدتهم، لكنهم رأوا أن الأمر منتهي واستشهدوا جميعاً، وقد اعدوا بمساعدة جماهير المنطقة من اعداد مقبرة قرب الكهف وتم دفنهم جميعاً فيها، وبعد أيام قليلة، هاجمت مجموعة من الپیشمرگة قرى كونس وخور وچلو من قرى هركيين ونهبت وأحرقتها انتقاماً لحادثة كهف دكان.
المصادر:
١- مسعود بارزانی، بارزانی و بزوتنەوەى ڕزگاریخوازی کورد، بەرگی سێیەم، بەشی یەکەم، شۆڕشی ئەیلوول ١٩٦١-١٩٧٥، چاپی یەکەم، (٢٠٠٤).
٢- هۆژین مەسعود سەرنى، شورەشا ئیلونێ ل دەڤەرا بەهدینان ١٩٦١- ١٩٧٥، چاپى یەکەم، (٢٠١٨).
٣- شەوکەت مەلا ئیسماعیل حسن، ڕۆژانێ لە مێژووى شۆرشى ئەیلوول، چاحى یەکەم، (هەولێر- ٢٠٠٧).
٤- ئارى کەریم، چەند لاپەڕەیەکى زیندوو لە شۆرشى ئەیلوولدا، (چاپخانەى خەبات- دهۆک- ١٩٩٩).
٥- حاجى میرخان دۆڵەمەرى، گەڕان بەدواى دادپەروەریدا، بەرگى یەکەم، چاپى دووەم، (چاپخانەى اسراء- تاران- ٢٠٢١).