تراجعت قوات البيشمركة في محور جبل سفين الى وادي باليسان، بهدف وضع خطة دفاع قوية على شكل نصف دائري للتوصيل بين قوات بيتواتة وجبهة بشدر، استطاعت قوات البيشمركة وضع سد منيع أمام تقدم الجيش العراقي بدءاً من قلعةدزة وصولاً الى بيتواتة حتى لاتتمكن التقرب من منطقة بالكايتي حيث مقر قيادة الثورة.
تحركت قوات مشاة الجيش العراقي في شهر آب ١٩٧٤ لفتح طريق تقدمه من كويسنجق الى جوارقورنة، وعندما وصلت الى المنطقة كان هدفها السيطرة على سهل بيتوين، مع مرتفعات جبلي ماكوك وشيشار، وذلك بغية بسط السيطرة الكاملة على المنطقة برمتها.
كما كان هدف الجيش هو اخراج قوات البيشمركة من ماكوك والوصول الى جبل كاروخ قبالة ناحية قصرى، وكذلك احتلال جبلي زوزك وسكيز في جبهة رواندوز والتقدم نحو قمة حسن بك، ومن هنا الألتفاف على گلالة، وبهذا يمكنهم من هناك محاصرة قيادة الثورة. كما كان هدف الجيش هو تخفيف الأعباء عن قواته عند الهجوم على جبل ماكوك و دوله رقه، ونقل جزء من قوات البيشمركة الى جبهة المعركة في منطقة بيتواتة.
كانت قوات الجيش العراقي الكبيرة تتألف من فرقتين عسكريتين ومسلحي المأجورين(جحوش)، ولتطبيق خطتها قامت بشن الهجوم على جبل ماكوك خلف سروجاوه وقمة خانزاد، كانت قوات البيشمركة الرابضة على السواتر في الخط الدفاعي تتألف من الفوج الثاني قوات سهل اربيل بقيادة سعدي عزيز، الفوج الأول قوات سفين بقيادة كريم فقى وسرية اخرى تابعة لقوات سهل اربيل بقيادة حاجي علي. مع صعود الجنود الى مرتفعات ماكوك، تصدى لهم البيشمركة حيث قُتل عدد من جنود الجيش العراقي وجُرح آخرون ولاذ عدد آخر منهم بالفرار من ميدان المعركة، وفي اليوم التالي شن الجيش الهجوم مرة اخرى في مرتفعات ماكوك، وتمكن هذه المرة من السيطرة على الجانب الأيمن من الجبل.
قام الجيش العراقي في ٣٠ آب مرة اخرى بجمع قواته وبدأت بالهجوم مدعومة بالدبابات والمدافع والطائرات الحربية، بدأه بقصف مكثف على سواتر البيشمركة حيث استخدم الجيش لأول مرة الكاتيوشا، بعد الهجوم على جبل ماكوك وصلوا الى سروچاوه والقرى المحيطة بها، وكان عدد البيشمركة المتصدين لهذا الهجوم الكبير للجيش قليل جداً، قام الجيش بالهجوم في يوم الرابع من ايلول على مرتفعات قمة انديك و انطوز، استخدم جيش كل ما لدیه من امكانياته من الأسلحة الثقيلة والطائرات وبالتعاون مع المأجورين(الجحوش)، حیپ تمكن من السيطرة عليها مساء.
في هذه الأثناء وصلت برقية عاجلة من قائد الجيش(٢) الى قادة المنطقة، من اجل الحاق قوة من البيشمركة كأسناد الى جبهات القتال، والبدء بالهجوم من اجل الوصول الى مرتفعات الجبل، وكانت القوة الساندة تتألف من احد افواج قوات سفين بقيادة العريف علي مولودي، والفوج الثاني بقيادة سيد كاكة التابع لقوات سهل اربيل، لقد قامت هذه القوات من البيشمركة بالصعود على جبل ماكوك ليلة ٦/٧ ايلول ١٩٧٤ ووضعوا السواتر الدفاعیة مرة اخرى، حيث واصل الجيش العراقي هجماته بدعم من القوة الجوية والمدفعية، ولكن كانت قوات البيشمركة هذه المرة في وضع دفاعي قوي، وتصدت لكافة الهجمات ولم تفسح المجال لوصول الجيش الى جبل ماكوك.
وفي الساعة الحادية عشرة مساء يوم ٨ ايلول ١٩٧٤، هاجم الجيش العراقي جبل مكوك مرة أخرى واستمر حتى الفجر، وهذه المرة لم تسمح البيشمركة للجيش بإحراز النصر، وقد مني الجیش بهزيمة كبيرة، وترك خمسين من جنودهم القتلى في ساحة المعركة، وواصلت قوات البيشمركة الدفاع عن المنطقة لمدة شهرين، مما منع الجيش العراقي من تحقيق أهدافه. ويرجع ذلك إلى خبرة القادة في المنطقة وتجاربهم في المعارك وإحكام السيطرة على المواقع من خلال زرع الألغام وتسييجها بحسب امكانياتهم المتاحة. وقد شن الجيش العراقي خلال هذين الشهرين (١٥) هجوماً على قوات البيشمركة بإسناد قوة كبيرة من الجحوش والمغاوير والقوات الخاصة، وتكبدت خسائر بشرية ومادية فادحة خلال تلك المعارك.
ورغم أن قوات البيشمركة تكبدت خسائر من الشهداء والجرحى، إلا أنها حققت أيضاً مكاسب مهمة، على سبيل المثال حصلت في هجوم واحد على (١٠) قطع سلاح وفي هجوم آخرعلى (١٥٠) كلاشينكوف و(٣) هاونات و(٤) اجهزة لاسلكية محمولة وقناصتین روسيتین من طرازخمس طلقات، وحتى ان فوجاً كاملاً قد ابيد خلال هجوم آخر.
وفي اواسط شهر ايلول، بدأ الجيش العراقي بقصف مواقع البيشمركة عند الساعة الثانية عشرة ظهراً، وبعدها هاجم فوج من القوات الخاصة مواقع فوج سيد كاكا، وكانت لدى البيشمركة معلومات عن هذا الهجوم، لذا اختبأوا ليقترب العدو منهم ولألحاق خسائر كبيرة بالقوة المهاجمة، وعندما اقتربوا منها على بعد ١٠٠ متر، هاجموهم ووجهوا لهم نيران اسلحتهم، وفشل هجوم الجيش، حيث وقع منهم (١٥٠) قتيلاً و(١٠٠) جرحى، اضافة الى الأستيلاء على كميات كبيرة من الأسلحة والأعتدة، وقد دُمّر الفوج العراقي المهاجم بالكامل، وكانت خسائر البيشمركة في هذه المعركة هي(٩) شهداء و(٢٧) جريحاً.
إن تلك المقاومة والبسالة لقوات البيشمركة ضد جيش قوي قوامه ربع مليون مدجج بالأسلحة المتطورة، أحبطت مخططات الحكومة لإنهاء الثورة الكوردية. حيث كانوا ينوون في بداية هجماتهم بهذا الأستعداد القضاء على الثورة بأقل وقت وفق مخططاتهم العسكرية، كانوا قد حدّدوا شهر ايلول كآخر موعد لأنهاء الثورة، ثم حولوا الموعد الى شهر كانون الأول، وان كل هذه المواعيد باءت بالفشلن ولم تستطع اجراء أي تغيير في الأوضاع، حتى اتفاقية ٦ آذار ١٩٧٥ حيث تمكنوا من انتكاسة ثورة ايلول.
المصادر:
-
مسعود بارزانی: بارزانی و بزوتنەوەى ڕزگاریخوازی کورد، بەرگی سێیەم، بەشی دووەم، شۆڕسی ئەیلوول ١٩٦١-١٩٧٥، چاپى یەکەم – هەولێر، ٢٠٠٤.
-
خوڕشید شێرە: خەبات و خوێن، بیرەوەریەکانى ساڵانى پێشمەرگایەتى، چاپخانەى حاجى هاشم، چاپى سێیەم، هەولێر – ٢٠١٥.
-
سهنگهر ئيبراهيم خۆشناو: ڕووداوه سهربازيهكانى شۆڕشى ئهيلوول ١٩٧٠-١٩٧٥، چاپى يهكهم، ههولێر، ٢٠٢٢.
-
سەید کاکە: بیرەوەرى پێشمەرگەیەک، چاپخانەى وەزارەتى ڕۆشنبیرى، چاپى یەکەم، هەولێر- ١٩٩٧.
کاروان جوهر محمد: ئیدریس بارزانى ١٩٤٤- ١٩٨٧ ژیان و ڕۆلى سیاسیى و سەربازى لە بزوتنەوەى ڕزگاریخوازى کورددا، چاپخانەى هێڤی، هەولێر، ٢٠١٩.