معركة شرمن

علّقت الحكومة العراقية في حزيران ١٩٦٣ مفاوضات الاتفاق مع قيادة الثورة الكوردیة، وبعد ذلك اتجه الوضع السياسي في العراق وكوردستان نحو التعقيد، وجهت اذاعة بغداد وبالتحديد في ١٠ حزيران تحذيراً للكورد ووصفهم بالانفصاليين، ثم اندلعت جولة أخرى من المعارك والاشتباكات بين قوات الپیشمرگة والجيش العراقي والحرس القومي والمسلحين المرتزقة المأجورين.


بدأت الحرب هذه المرة من قبل الحكومة العراقية بخطة عسكرية محكمة واستعدادات حاسمة في مناطق مختلفة من كوردستان، وبعد أن مارست ضغطاً كبيراً على مواقع الپیشمرگة حيث الهجمات المتتالية والقصف المدفعي والجوي المكثف على منطقة آكرى(عقرة)، ونتيجة لهذا الضغط الشديد ونقص الذخيرة، تراجعت قوات الپیشمرگة من تلك المواقع إلى جبل پیرس، ومع انهيار خط الدفاع هذا، تعرض مقر قوة آكرى وشيخان في كهف شرمن بقيادة حسو ميرخان دولمري للهجوم من قبل القوات الحكومية، وعلى الرغم من أن هجمات الحكومة كانت تُفشل من قبل قوات الپیشمرگة وتُلحق بهم خسائر فادحة، إلا أن الپیشمرگة كانت تستولي على أسلحة الجيش والمرتزقة بعد كل هجوم يتم صده، لكن الحكومة استمرت في هجومها بقوة عسكرية كبيرة ومرتزقة ودعم من المدفعية بعيدة المدى والطائرات الحربية.

نتيجة لكل هذه الهجمات المتتالية من قبل القوات الحكومية، تمكنوا من السيطرة على عدة مواقع وقرية شوش التي كانت قوات الپیشمرگة بقيادة عمر آغا دولمري تدافع عنها، وضعت قوات الپیشمرگة خطة لاستعادة هذه المواقع لأنه إذا لم تستعد هذه المواقع فكان سيتعين نقل مقر القوة إلى مكان آخر، تم وضع خطة هجوم الپیشمرگة على القوات الحكومية من ثلاثة محاور، المحور الأول يتكون من الهجوم على غرب قرية شوش بقيادة عمر آغا دولمري، وقوة أخرى في شرق القرية بقيادة حاجي ميرخان دولمري وملا عزير زيويي، وقوة أخرى بقيادة هرمز ملك چكو مسيحي لإغلاق الطريق من الجنوب حتى يتم تطويقهم.

في هذا الهجوم الذي شنه الپیشمرگة، مُنيتْ القوات الحكومية بهزيمة كبيرة وأخلت مواقعها وتركت جثث قتلاها في ساحة المعركة، وكان وشيكاً أن يتم أسر قائد قوات الحكومة العقيد الركن صعب حردان، ولكن في تلك اللحظة، أُصيب عمر آغا قائد الپیشمرگة وانشغل به الپیشمرگة، واستغل المذكور الفرصة وهرب ونجا من أيدي الپیشمرگة.

بعد أن ابتعد عمر آغا عن جبهة القتال بسبب إصابته لتلقي العلاج، حل محله هرمز مالك چكو، شن الجيش العراقي حملة واسعة أخرى من الهجوم والاعتداء على مواقع الپیشمرگة في ٢٧ حزيران ١٩٦٣، بهدف إزالة الپیشمرگة من المنطقة بأكملها، وخاصة بعد الظهر حيث اشتد القتال، لكن الپیشمرگة دافعوا بشدة عن مواقعهم، حتى تمكنوا من إفشال هذا الهجوم أيضاً وإجبار قوات الحكومة على التراجع وترك ١٢ جثة في ساحة المعركة. في برقية للجيش العراقي برقم (١٠٤٥) بتاريخ ٢٨ حزيران والتي وقعت في أيدي الپیشمرگة في هذه المعركة، اعترفوا بـ ٢٧ قتيلاً و ٥١ جريحاً. 

بعد كل هذه الهجمات والاعتداءات التي شنتها القوات الحكومية للاستيلاء على مقر القوة في كهف شرمن، لم تتمكن من تحقيق هدفها، بل تعرضت لهزيمة كبيرة وخسائر فادحة، لأنه تمكن الپیشمرگة بقيادة هرمز مالك چكو في منطقة شوش، من الصمود والدفاع حيث لم تسمح لهم بتحقيق أي تقدم، لذلك اضطرت القوات إلى الانسحاب نحو دينارتة وجبل پيرس.  


المصادر:

١- کاروان جوهر محمد، ئیدریس بارزانى ١٩٤٤- ١٩٨٧ ژیان و ڕۆڵى سیاسى و سەربازى لە بزوتنەوەى ڕزگاریخوازى کورددا، (چاپخانەى هێڤی- هەولێر- ٢٠١٩).

٢- وەلى زبێر هۆستان، چەند ڕووداو و بەسەرهاتێک لە شۆڕش و ڕاپەڕینەکانى بارزاندا، چاپی یەکەم، (چاپخانەى ڕۆژهەڵات- هەولێر- ٢٠١٧).

٣- حاجى میرخان دۆڵەمەرى، گەڕان بەدواى دادپەروەریدا، بەرگى یەکەم، چاپى دووەم، (چاپخانەى اسراء- تاران- ٢٠٢١).

٤- مسعود بارزانی، بارزانی و بزوتنەوەى ڕزگاریخوازی کورد، بەرگی سێیەم، بەشی یەکەم، شۆڕشی ئەیلوول ١٩٦١-١٩٧٥، چاپی یەکەم، ٢٠٠٤.

٥- ئارى کەریم، چەند لاپەڕەیەکى زیندوو لە شۆڕشى ئەیلوولدا، (چاپخانەى خەبات- دهۆک- ١٩٩٩).


مقالات ذات صلة

معركة کوسپي سپي

عندما سيطرت قوات الپیشمرگة على قلعة (قشلة) رايات في ١٢ تموز ١٩٦٢، أصبحت منطقة بالكايتي بأكملها جزءاً من المنطقة المحررة لثورة أيلول، على الرغم من ظهور المسلحين المرتزقة من حين لآخر في عدة مناطق مختلفة، خاصة في الجبال المحيطة بجبل هلگورد، بنيّة إثارة الفوضى، إلا أنهم سرعان ما كانوا يتشتتون ويُبعدون عن المنطقة من قبل قوات الپیشمرگة.

مزيد من المعلومات

معركة كَردز وكَرزُور ١٩٦٩

وقعت هذه المعركة بين قوات سهل أربيل من الپیشمرگة والميليشيات العميلة للحكومة في أواخر ربيع عام ١٩٦٩ في قريتي كَردز وكَرزُور في سهل أربيل، تمكنت قوات الپیشمرگة في هذه المعركة من الانتصار على الميليشيات وإلحاقهم خسائر فادحة في الأرواح والمعدات وطردهم من المنطقة، مقابل خسائر طفيفة في صفوف قوات الپیشمرگة.

مزيد من المعلومات

معركة مضيق زاخو(نيسان ١٩٦٢)

في سلسلة معارك وقصص ثورة أيلول، تعتبر معركة مضيق زاخو إحدى المعارك الهامة التي شهدت تنسيقاً محكماً بين تنظيمات الحزب الديمقراطي الكوردستاني داخل صفوف الجيش العراقي وإيصال المعلومات إلى قادة الپیشمرگة.

مزيد من المعلومات

معركة گوجار

في الوقت الذي تمكنت فيه الحكومة الإيرانية من السيطرة على جمهورية كوردستان مرة أخرى بشن هجوم عليها، كان الملا مصطفى بارزاني وقواته يحاولون النجاة بأنفسهم عبر الأراضي الإيرانية والعودة إلى مناطقهم في كوردستان العراق مرة أخرى...

مزيد من المعلومات

معركة سینگان

كانت معركة سینگان إحدى المعارك التي اندلعت بعد انهيار جمهورية كوردستان وتراجع بارزانيين إلى المناطق الحدودية بين دولتي إيران والعراق...

مزيد من المعلومات